السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
العشاء، وليس للمسلمين أن يأكلوا أو يباشروا ما بين العشاء والفجر، فكانت فترة الفطور المباحة قصيرة، من المغرب حتى العشاء، وكان في ذلك حرج شديد وشكوى وتململ، فأنزل الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (١).
فهل يقال فيه: لو كان وحيًا لجاء من أول الأمر بما انتهى إليه؟
أو يقال فيه: ما دام القرار الأول قد أحدث ضيقًا وحرجًا وشكوى فمجيء القرار الثاني دليل على أنه ليس وحيا؟ وإنما هو رأي لمحمد ﷺ، اجتهد أولًا فقرَّر، فلما سمع الشكوى اجتهد ثانيًا فغيَّر للتيسير عليهم؟
ماذا يقول الباحث في هذه الأمثلة القرآنية الصريحة في أنَّ التعديل الناتج عن الضيق لا يدل على أنَّ القرار كان بالاجتهاد؟
ألا يسلم بأنَّ دعواه أنَّ هذه القرارات كانت باجتهاد دعوى مرجوحة، ولا دليل عليها؟ فما يبنى عليها باطل؛ لأنه بناء على غير ثابت؟
ثم لنفرض أنَّ القرار الأول والثاني مراعاة للمصالح، واجتهاد من الرسول ﷺ، هل يبيح هذا للباحث أنْ يجتهد ويُشرِّع نقيضه؟
_________
(١) [البقرة: ١٨٧].
1 / 71