السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
إنَّ الذي شرع لنا واباح شرب ما وقعت فيه الذبابة هو خالقنا وخالق الذبابة، وقد جنَّدَ في أجسامنا جيشًا بل جيوشًا من جنوده لمقاومة ما خلق من حولنا من جراثيم، ليس لمقاومة جراثيم الذباب فحسب، بل لمقاومة ملايين الجراثيم التي تدخل الجسم يوميًا عن طريق المأكولات والمشروبات والملموسات، وحتى عن طريق الهوء الذي نعيش فيه.
فلنأخذ حذرنا ثم نتوكل عليه، فكم من محافظ مدقق حذر أتى من مأمنه، وكم من مُتوكِّلٍ حماهُ الله.
أما الفقرة الثانية من الحديث: «فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دَوَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِى بِجَنَاحِهِ الَّذِى فِيهِ الدَّاءُ» فهي ليست مجرد معارف دنيوية متناقلة كما يقول الباحث، إذ لم نسمع في طب العرب والعجم هذا التقرير، ولم نسمع به على لسان أحد قبل محمد ﷺ، والاحتمالات العقلية لهذا الحُكم أربعة:
إما أنَّ الله أوحى به إلى محمد ﷺ وهو سبحانه خالق الداء والدواء جميعًا، وهذاهو الأمر المُسَلَّمُ المقبول.
وإما أنَّ محمدًا ﷺ قاله عن خبرة واجتهاد، وهذا مستحيل؛ لأنَّ معرفته تحتاج إلى مجهر ومُكبِّرٍ ومعامل وأبحاث وخبرة وأجهزة دقيقة جدًا لم تكن خلقت بعد.
وإما أنْ يكون محمدًا ﷺ ألقى هذا القول دون علم، ودون تحسب للمسؤولية كما يفعل الغافل الذي يقول ما لا يَعِي، وحاشاهُ، فقد أوتِيَ الحكمة ﷺ ويعلم أنه مُطاع.
وإما أنْ يكون قد تعمَّدَ الكذب والاختلاق، وحينئذٍ يكون
1 / 58