الملحدين ولذلك قال: ﴿ويقولون منكرًا من القول وزورًا﴾ ويذكر جل ذكره لنبيه ﷺ ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: ﴿أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته﴾ يعني: أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه، وعقوقهم، والانتقال عنهم إلى دار الإقامة، إلا ألقى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه، ذمه، والقدح فيه، والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله، ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين، والجاهلين، ويحكم الله آياته بأن: يحمي أوليائه من الضلال والعدوان، ومشايعة أهل الكفر والطغيان، الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتى قال: ﴿بل هم أضل سبيلًا﴾ (١).
وكما رووا رواية التي ذكرناها عن العياشي عن جعفر أنه قال:
لو قرء القرآن كما أنزل لألفينا فيه مسمين" (٢).
ولقد صرح بذلك البحراني في مقدمة تفسيره بقوله:
اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله ﷺ شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرًا من الكلمات والآيات وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه علي ﵇ وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن ﵇ وهكذا إلى أن انتهى إلى القائم ﵇ وهو اليوم عنده صلوات الله عليه ولهذا كما قد ورد صريحًا في حديث سنذكره لما أن كان الله ﷿ قد سبق في علمه الكامل صدور تلك الأفعال
_________
(١) "الاحتجاج" للطبرسي ص٣٨٢، ٣٨٣، ٣٨٤
(٢) "العياشي" ج١ ص١٣
1 / 57