القيامة الصغرى
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع،الأردن،مكتبة الفلاح
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك، وانتقالك من موضعك، إذا نقلت من سعة إلى ضيق، وخانك الصاحب والرفيق، وهجرك الأخ والصديق، وأخذت من فراشك وغطائك إلى غرر، وغطوك من بعد لين لحافها بتراب ومدر، فيا جامع المال، والمجتهد في البنيان، ليس لك من مالك والله إلا الأكفان، بل هي للخراب والذهاب، وجسمك للترائب والمئاب.
فأين الذي جمعته من المال؟ فهل أنقذك من الأهوال، كلا بل تركته لمن لا يحمدك، وقدم بأوزارك على من لا يعذرك " (١) .
ونقل القرطبي ﵀ عن يزيد الرقاشي أنه كان يقول لنفسه: " ويحك يا زيد من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عند بعد الموت؟ من ذا يرضي عنك ربك بعد الموت؟ ".
ثم يقول: " يا أيها الناس، ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ من القبر طالبه، والقبر بيته، والتراب فراشه، والدود أنيسه، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر، كيف يكون حاله؟ " (٢) .
وقال القرطبي ﵀ في موضع آخر: " مَثِّلْ نفسك يا مغرور وقد حلت بك السكرات، ونزل بك الأنين والغمرات، فمن قائل يقول: إن فلانًا قد أوصى، وماله قد أحصى، ومن قائل يقول: إن فلانًا ثقل لسانه، فلا يعرف جيرانه، ولا يكلم إخوانه، فكأني أنظر إليك تسمع الخطاب، ولا تقدر على رد الجواب. فَخَيِّل لنفسك، يا ابن آدم إذا أخذت لفراشك إلى لوح مغسلك، فغسلك الغاسل، وألبست الأكفان، وأوحش منك الأهل والجيران، وبكت
_________
(١) التذكرة: ص ٩.
(٢) التذكرة: ص ٩.
1 / 76