القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والأحكام الشرعية
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
المبحث السادس القراءات والأحرف السبعة
يقترن اسم القراءات بالأحرف السبعة، ويتبادر إلى الأذهان أن القراءات هي الأحرف، وبخاصة بعد أن اشتهرت القراءات السّبع في الأمصار، وأصبح الناس يتحدثون عن قراءات سبع، وأحرف سبعة.
والأحرف السبعة هي التي جاء الحديث الصحيح بالإشارة إليها في قول النّبي ﷺ: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا منه ما تيسر» (١).
وقد روي هذا الحديث عن جمع كبير من الصحابة (٢)، فقد روى الحافظ أبو يعلى: أن عثمان ﵁ قال يوما وهو على المنبر: «أذكّر الله رجلا سمع النّبي ﷺ قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، كلها شاف كاف لما قام، فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا بذلك، فقال عثمان ﵁: وأنا أشهد معهم» (٣). وتوافق هذه الجموع التي لم تحص عددا على هذا الموضوع حمل بعض الأئمة على القول بتواتر الحديث، وفي طليعة هؤلاء أبو عبيد القاسم بن سلام، وإذا لم يتوافر التواتر في الطبقات المتأخرة؛ فحسبنا صحة الأحاديث التي ذكرناها مؤكّدا لهذه الحقيقة الدينية التي نطق بها رسول الله ﷺ. ويميل جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية اشتملت على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة (٤).
واختار القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني هذا الرأي وقال: الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله ﷺ، وضبطها عنه الأئمة، وأثبتها عثمان والصحابة في المصحف، وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا (٥).
_________
(١) فتح الباري ٥/ ٣٣، رقم الحديث ٥٤١٩.
(٢) الإتقان ١/ ٧٨.
(٣) الإتقان ١/ ٨٥.
(٤) البرهان ١/ ٢٢٤.
(٥) ابن الجزري، طبقات القراء ١/ ٢٩٢.
1 / 35