المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
(١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م)
مكان النشر
الدمام - المملكة العربية السعودية
تصانيف
السبب الرابع: وقوع الالتباس في التعبير وهو قسمان:
١ - أن يعبر عن التفسير بالنزول وإليك الأمثلة:
١ - أخرج مسلم والبخاري وابن ماجه عن البراء بن عازب ﵁ عن النبي ﷺ قال: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) قال: نزلت في عذاب القبر، فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي اللَّه، ونبيي محمد ﷺ فذلك قول اللَّه ﷿: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
فلم أرَ من صرح بأن للآية سبب نزول، وأن هذا هو سببها، بل الحديث من باب التفسير فقط.
٢ - أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: (إن موسى كان رجلًا حييًا ستيرًا لا يُرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص، وإما أُدرة، وإما آفة، وإن اللَّه أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانًا أحسن ما خلق اللَّه، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فواللَّه إن بالحجر لنَدَبا من أثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا فدْلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩).
ولفظ مسلم ونزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى ...) الآية.
فهذا تفسير النبي ﷺ للآية، أما النزول فلا يصح لشذوذه، وعدم وجود الحدث زمن النزول.
٣ - أخرج أحمد والبخاري عن طاووس قال: سأل رجل ابن عبَّاسٍ
1 / 93