يجري اختياره بدقة من بين الألمان الذين ينحدرون من أصل آري صحيح. ثانيا: وعملا بما تتطلبه أغراض الوطنية الاشتراكية، وبناء على ما هو معروف من أن مستقبل الشعب الألماني «الجرماني» يتوقف على بقاء الدم الذي يجري في عروق هذا الشعب نقيا، تقرر أن نعد تصريحات خاصة لزواج جند الحرس ابتداء من أول يناير 1933. ثالثا: الغرض من هذا إنشاء أسرات جرمانية محترمة من الجنس الآري، وبقاء هذه الأسرات. رابعا: تعطى أو تمنع تصريحات الزواج هذه بناء على اعتبارات متعلقة بنقاء الجنس وسلامة الصحة الموروثة فحسب. خامسا: كل فرد من أفراد الحرس
S. S.
يريد الزواج عليه أن يحصل على ترخيص من زعيم هذه الجماعة هنريك هيملر. سادسا: جميع من يتزوجون على الرغم من رفض الترخيص لهم بذلك يطردون من جنود الحرس. وفي المواد «السابعة والثامنة والتاسعة» طلب هيملر من الراغبين في الزواج أن يقدموا جميع الوثائق التي تثبت خلوص آريتهم وآرية الزوجات اللواتي يقع عليهن اختيارهم؛ حتى تستطيع الهيئة المكلفة بفحص هذه المسألة أن تهيئ «شجرة الأسرة» كاملة لفرق الحرس، وأن تحتفظ بها ضمن أوراقها ووثائقها. وفي المادة العاشرة والأخيرة، اختتم هيملر هذا الأمر بقوله: «إن جنود الحرس
S. S.
يعرفون دون ريب أننا خطونا بفضل صدور هذا الأمر خطوة لها أهميتها. وكل سخرية أو تحقير أو سوء فهم لا يؤثر فينا، فإنما المستقبل لنا وحدنا!»
ولما كان جنود الحرس من الذين سبق لهم اجتياز اختبارات الحزب النازي المنوعة قبل انضمامهم إلى هذه الجماعة المصطفاة، فإن جميع المتاعب الناشئة عن تطبيق هذا الأمر كانت في الحقيقة من نصيب المرأة التي تحدثها النفس بالزواج من أحد هؤلاء النبلاء الجدد، فكان عليها قبل كل شيء أن تكتب إلى عدد من الأبروشيات حتى تستخرج من سجلاتها شهادات الميلاد ووثائق الزواج الخاصة بأجدادها إلى الجد الثالث على الأقل، ولم يكن استخراج هذه الشهادات والوثائق من الأمور السهلة الهينة، بل كان يتطلب جهدا عظيما من السيدة؛ إذ كثيرا ما كانت تضطر إلى السفر والانتقال من مكان إلى آخر باحثة منقبة، تقابل طائفة من الموظفين وتتحدث إلى رجال الدين المكلفين بحفظ هذه «السجلات» «الثمينة» في الأبروشيات المختلفة، ومن يدري لعلها لا تظفر بعد هذا الجهد المضني بطائل، لضياع هذه الشهادات والوثائق القديمة نتيجة إهمال المكلفين بحفظها في بعض الأحيان. وبعد وصول النازيين إلى الحكم وصدور قوانين الزواج الصارمة، تعددت حوادث السطو على الأبروشيات لسرقة سجلات المواليد والوفيات وعقود الزواج، رغبة في تزوير شهادات ووثائق يمكن بيعها في «السوق السوداء» التي أوجدتها قوانين الزواج النازية لمن يبغون إثبات أن الدم الآري النقي يجري في عروقهم وعروق أجدادهم من أزمنة قديمة؛ حتى تتاح لهم فرصة الزواج أو الالتحاق بإحدى الوظائف الحكومية الهامة أو الانخراط في سلك الحزب النازي العتيد، أو الانضمام إلى طوائف الحرس الأسود
S. S.
والتمتع بالمزايا التي أضحت من نصيب هؤلاء «النبلاء» الجدد في ألمانيا النازية.
فإذا استطاعت السيدة بعد هذه المتاعب الأولى الحصول على الشهادات والوثائق التي تريدها من الأبروشيات المختلفة، وقبلت السلطات النازية هذه الأوراق وقطعت بأنها صحيحة، وجب عليها بعد ذلك أن تعرض نفسها لفحص طبي دقيق تقوم به وزارة الصحة حتى تحصل على «شهادة الصحة» التي لا غنى عنها بتاتا من أجل إجازة الزواج والموافقة عليه. وقد يظن القارئ أن هذا الفحص طبي بالمعنى المعروف، ولكن الذي يحدث خلاف ذلك؛ إذ يكفي أن تقتنع السلطات النازية بأن السيدة من مؤيدات «الزعيم» والنظام القائم، فتعطيها الشهادة الطبية المطلوبة ما دامت ذات شعر أشقر، وجمجمة طويلة وعينين زرقاوين، ولها غير ذلك من الخصائص الجثمانية التي تميز - في نظر النازيين - الجنس الآري من الأجناس الأخرى. ومما ينبغي ذكره أن هذا الفحص الطبي قد أغفل إغفالا تاما في أثناء الحرب، فصار طالبو الزواج يحصلون على الشهادات الصحية بعد فحص سجلات الصحة العمومية، بينما يعفى الجنود وغيرهم ممن يؤدون خدمات وطنية مماثلة لما يؤديه الجنود من الفحص الطبي إعفاء تاما.
فإذا استطاعت السيدة إرضاء السلطات النازية والحصول على «شجرة الأسرة» المطلوبة أو «جواز الآرية»، ثم على الشهادة الصحية؛ أمكنها أن تقدم طلبا للدولة حتى تحصل على «قرض الزواج» ذلك بأن الدولة النازية أخذت على عاتقها منذ دانت السلطة للهتلريين في دولة الريخ الثالث، إعطاء الزوجين معا قرضا يصل أحيانا إلى الألف من الريخماركات أو الخمسين جنيها إنجليزيا. وعند بدء العمل بهذا النظام منذ أول يونية 1923 كثر الإقبال على الزواج حتى اعتبر النازيون هذا التنظيم نجاحا عظيما لهم. وعلى هذا لم يكن الغرض الأول من «قروض الزواج» سوى معالجة أزمة البطالة المنتشرة في تلك الأونة بطريق غير مباشر؛ إذ كان من شروط الحصول على «قروض الزواج» أن تكف السيدة المزمعة على الزواج عن مزاولة عمل من أعمال كسب العيش في الدولة، فتفسح بخروجها من ميدان العمل مكانا لأحد الرجال العاطلين. أما ما أحدثه هذا التنظيم من آثار فيحسن إرجاء الكلام فيه حتى يبحث مركز المرأة في ألمانيا في ظل النظام النازي الجديد.
صفحة غير معروفة