وقبل ذلك أيضا ذكر الأستاذ «بانز
Banse » في كتابه عن «المجال والأمة في عالم الحرب»:
إن من واجب النهضة الجرمانية أولا أن تعمل على بعث الروح الجرمانية من الأعماق ثقافيا وسياسيا، على أن يكون من غرضها جعل التفكير والحديث والنشاط «أو العمل» جرمانيا خالصا في الأرض الجرمانية، ومن واجبها ثانيا أن تجعل الأرض التي تقطن بها شعوب جرمانية داخلة بأملاكها ضمن حدود دولة موحدة قوية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون الدولة الألمانية المعروفة بحدودها المرسومة في عام 1914.
وفي الواقع أراد النازيون إعادة الخريطة الأوروبية إلى ما كانت عليه بين عامي 918-1268 ميلادية، أي من وقت قيام أسرة سكسونيا إلى سقوط آل هوهنشتاوفن، فنشروا في كتاب المطالعة الأولية للشبيبة الهتلرية خريطة بعنوان «الجرمان يحققون وحدة أوروبا»، وهي خريطة الإمبراطورية الرومانية المقدسة حوالي عام 1000 ميلادية، أي بحدودها الممتدة من جنوبي مملكة الدانمرك في الشمال إلى أعلى الحذاء الإيطالي في الجنوب، وتقع في داخل حدود هذه الإمبراطورية الجرمانية كل من دوقية بوهيميا ومارك «أو عواصم» مورافيا والنمسا ودوقية كارينثيا وفريزلند ودوقية اللورين، وكل هذه كانت تقطن بها شعوب جرمانية. وفي شرقي هذه الحدود رسم النازيون دوقية بولندة ثم مملكة هنغاريا. وفي الغرب رسموا مملكة برجنديا. وقد أظهر النازيون في هذه الخريطة مملكة الدانمرك ودرقية بولندة ومملكة هنغاريا ومملكة برجنديا كدويلات أو إمارات تدين بالتبعية والطاعة للإمبراطورية الرومانية المقدسة.
هذه إذن كانت الخريطة التي أراد النازيون أن يرسموها للمجتمع الأوروبي الحديث؛ لإحياء المجد القديم على حد قولهم؛ أو لتحقيق سيطرة السادة الجرمان على أوروبا. وفي السنوات الثلاث الأولى استطاع النازيون إدراك ما أرادوا إلى حد كبير، ذلك بأنهم أدمجوا في الريخ الثالث كل المناطق الجرمانية مثل النمسا «التي سميت بالعواصم الشرقية
Ostmark »، والسوديت ودانتزج والممر البولندي، وأقاموا من دانتزج والممر البولندي ما أسموه الأقليم أو المقاطعة الشرقية
Ostgebiet ، وأسموه كذلك إقليم الملاحظة أو المراقبة
Warthegau ، وعينوا عليه حاكما هو «زعيم الإقليم
Gauleiter »، ثم أدمج النازيون أرض «أوبين ومالميدي
Oupen et Malmédy »، وكانت هذه مقاطعة بلجيكية منذ عام 1919، ثم اللورين على أن تكون جزءا من مقاطعة ألمانية أسموها العواصم الغربية
صفحة غير معروفة