لوقا:
فقالت مريم: هو ذا أنا أمة الرب، ليكن لي قولك (لوقا: 38).
سورة التحريم:
وصدقت (مريم)
بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين (التحريم: 12).
بعد ذلك تفترق رواية لوقا عن الرواية القرآنية فيما يتعلق بالحمل والوضع؛ فلوقا جاء بيوسف ومريم الحامل من الجليل إلى بيت لحم في مقاطعة اليهودية من أجل الإحصاء السكاني العام الذي قامت به السلطات الرومانية ليكتتبا فيها؛ لأن يوسف كان من عشيرة الملك داود ومسجلا أصلا في بيت لحم. وهناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر، وقمطته وأضجعته في مذود لطعام الماشية؛ إذ لم يكن لهما مكان في خان المسافرين يبيتان فيه (لوقا، 2: 1-7).
أما في الرواية القرآنية فنجد مريم وحدها تعاني آلام المخاض في مكان بعيد:
فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا * فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا * وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا (مريم: 22-26). وورد في سورة «المؤمنون»:
وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين (المؤمنون: 50)، والمعنى هنا هو أن مريم اختفت عن الأنظار ولجأت إلى ربوة فيها مقر راحة (= قرار)، ونبع ماء جار (= معين)، وشجرة نخيل. وعندما اشتدت عليها آلام المخاض لجأت إلى جذع النخلة وتمنت لو أنها ماتت دون أن تتعرض لهذه المحنة، فناداها الملاك جبريل من تحت الربوة مواسيا، وقال إن الله قد أجرى من أجلها جدول ماء (= سريا) وأن باستطاعتها الحصول على ثمر النخلة بهز جذعها. وعليها بعد الولادة ألا تحفل بالرد على أسئلة المتسائلين؛ لأن الله عازم على إظهار آية تبرئها عندما يتكلم وليدها في المهد.
لا يوجد لدينا في الأناجيل المنحولة ما يطابق هذا النص القرآني، وإنما ما يشبهه في ثلاثة عناصر وهي: المكان البعيد المنعزل، والنخلة التي تعطي ثمارها، وجدول الماء الذي انبثق من نبع تحتها؛ فقد ورد في منحول متى أنه في اليوم الثالث من سفر يوسف ومريم ومعهما يسوع وهو رضيع إلى مصر هربا من الملك هيرود الذي أمر بذبح كل الأطفال من عمر سنتين وما دون لكي يهلك يسوع، تعبت مريم وأرادت النزول عن دابتها للراحة، فرأت شجرة نخيل ولجأت إلى فيئها. ولما نظرت إلى الأعلى رأت ثمرها وعبرت عن رغبتها في تذوق بعضها، فقال لها يوسف إن الشجرة عالية جدا، وإن ما يشغل باله فعلا هو قلة زادهم من الماء. وكان يسوع جالسا في حضن أمه، فأمر النخلة أن تعطي أمه بعض رطبها، فانحنت النخلة حتى لامست قدمي مريم فأكلت منها، ثم أمر يسوع النخلة أن تفتح مجرى للماء المخزون عند جذورها، فانبثق من هناك جدول ماء فشربوا منه وسقوا حيواناتهم. (س):
صفحة غير معروفة