باللين ينجز عمله.
وما دام التاو ليس خالقا للعالم بالمعنى الديني للكلمة فإنه لا يلعب تجاهه دور السيد المتحكم، بقدر ما يلعب دور القوانين الطبيعية في المفاهيم العلمية الحديثة؛ فالأشياء تنشأ تلقائيا وبشكل متزامن في معزل عن مبدأ السببية؛ فلا حاكم ولا محكوم، والكل يحدث من تلقاء ذاته وفي ارتباط وثيق مع حدوث الآخر. عن هذا النشوء التلقائي المتزامن يقول تشوانغ تزو تلميذ المعلم: «قد يبدو أن للعالم سيدا ولكن ما من دلائل تدل على وجوده ... لننظر إلى الجسد الإنساني كنموذج للعالم، بعظامه المائة وفتحاته التسع وأجهزته الداخلية الستة، كم هي متكاملة وفي أماكنها الصحيحة. هل أستطيع وضع أسبقية لأحدها على الآخر؟ هل أضعها جميعا على قدم المساواة؟ هل كلها خدم لا تستطيع ضبط بعضها بعضا؟ هل تتبادل دور الخادم والسيد على التوالي؟ ألا ترى أن هنالك شيئا جوهريا موجودا في صميم تكاملها؟» (س):
إذن فالعالم يسير دون مسير! (ج):
نعم، وهذا يحصل نتيجة لتفاعل مكوناته مع بعضها البعض، وكل عنصر هو فاعل ومنفعل، سيد وخادم، في الآن نفسه. (3) العلاقة بين المبدأ الكلي والبشر:
العلاقة بين الله والبشر في أديان التوحيد هي علاقة طقسية شعائرية؛ فقد خلق الله البشر وسخر لهم الطبيعة ونبات وحيوان الأرض لأجل معاشهم، وعليهم في المقابل شكره الدائم على نعمه وتقديم فروض الطاعة والعبادة له. أما عند لاو-تسو فإن نعم المبدأ الكلي تفيض من خلال تلقائية كونية لا سيد فيها ولا مسود، والكل يعيش حالة وجود تشاركي لا فضل فيه لأحد عناصره على الآخر. وفي هذا يقول المعلم:
الآلاف المؤلفة تظهر وتختفي بلا توقف.
ما يعطيها الحياة لا يدعي امتلاكا.
يكمل عمله ولا يدعي فضلا.
العمل ينجز ثم ينسى؛
ولذلك فإن أثره لا يفنى. (الفصل 2)
صفحة غير معروفة