الخطابة عند العرب

محمد الخضر حسين ت. 1378 هجري
19

الخطابة عند العرب

محقق

ياسر بن حامد المطيري

الناشر

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

إعطاء الحروف حقَّها ومما يُقِيمُ الخطبة ويكسوها رَوْنَقًا، أن يلفِظ الخطيبُ بالحروف مُتَمَكِّنَةً من مخارجها، وقد كان العرب يحتفلون بهذا الوجه من الحُسْن، فيأسفُ الخطيب على سقوط شيءٍ من أسنانه، وإنما يأسف لأنه يَفُوتُه النطقُ ببعض الحروف على وجهها الصحيح. سقطت ثنايا عبد الملك بن مروان فَشَدَّها بالذهب وقال: "لولا المنابرُ ما باليتُ متى سَقَطَتْ". وكانوا يفضِّلون الخطيب الذي يمكِّن الحروف من مخارجها على الخطيب الذي يضع الحرف بمخرج غيرِ مكين. خطب الجُمَحِيُّ، وكان منزوعَ إحدى الثَّنِيَّتَيْنِ، فكان عندما ينطق يُخالط نطقَه شيءٌ يُشبِه الصَّفِير، وخَطَب عَقِبَهُ زيدُ بنُ عليِّ بنِ الحسين، فأجاد الخطيبان إلا أنَّ زيد بن عليٍّ فَضَل الجُمَحِيَّ بتمكين الحروف وحسن مخارج الكلام، فقال عبد الله بن معاوية يذكر ذلك: صَحَّتْ مخَارجُهَا وتَمَّ حروفُها ... فلهُ بذاك مَزِيَّةٌ لا تُنْكَرُ ولِهُجْنَةِ الحروف غيرِ المتمكِّنة، ونُبُوِّها عن السمع، كان بعض الخطباء الذين يُبْلَوْنَ بنحو اللُّثْغَةِ يَتجنَّبون في كلامهم الحرفَ الذي يَتعذَّرُ

1 / 189