437

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الناشر

دار القلم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

قوله: ﴿يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ﴾ [البقرة: ٣٣]، النبأ أي الخبر، ومنه قول نابغة بني ذُبيان (١):
وَأَنْبَأَهُ الْمُنَبِّئُ أَنَّ حَيًّا ... حُلُولٌ مِنْ حَرَامٍ أَوْ جُذَامِ
فقوله (أنبأه)، أي: أخبره وأعلمه (٢).
قال محمد ابن أبان: "سألت زيد بن أسلم عن قوله: ﴿أنبئهم بأسمائهم﴾، قال: أنت جبريل، أنت ميكائيل، أنت إسرافيل، حتى عدد الأسماء كلها، حتى بلغ الغراب" (٣).
وروي "عن مجاهد في قول الله تعالى: ﴿يا آدم أنبئهم بأسمائهم﴾، قال: اسم الحمامة والغراب، واسم كل شيء. وروي عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة نحو ذلك" (٤).
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ﴾ [البقرة: ٣٣]، أي: فلما "أخبرهم بكل الأشياء، وسمَّى كل شيء باسمه" (٥).
قال مجاهد: " ﴿فلما أنبأهم﴾، أنبأ آدم الملائكة بأسمائهم، أسماء أصحاب الأسماء" (٦).
قوله تعالى: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٣٣]، " أي: قال تعالى للملائكة: ألم أنبئكم بأني أعلم ما غاب في السماوات والأرض عنكم" (٧).
قال البغوي: أي" ما كان منهما وما يكون لأنه قد قال لهم ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٣٠] " (٨).
قال ابن عطية: " معناه: ما غاب عنكم، لأن الله لا غيب عنده من معلوماته" (٩).
قال ابن كثير: " أي: ألم أتقدم إليكم أني أعلم الغيب الظاهر والخفي، كما قال [الله] تعالى: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ وكما قال تعالى إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان: ﴿أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ " (١٠).
قال ابن عباس: " أخبرهم بأسمائهم - ﴿فلما أنبأهم بأسمائهم قال: ألم أقلْ لكم﴾، أيها الملائكة خَاصة ﴿إنّي أعلم غيبَ السموات والأرض﴾، ولا يعلمه غيري" (١١).
وقال الحسن: " فجعل آدم ينبئهم بأسمائهم ويقول: هذا اسم كذا وكذا من خلق الله، وهذا اسم كذا وكذا فعلم الله آدم من ذلك ما لم يعلموا حتى علموا أنه أعلم منهم. قال: فلما أنبأهم بأسمائهم، قال: ﴿ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض﴾ " (١٢).

(١) ديوانه: ٨٧ من قصيدة له، في عمرو بن هند، وكان غزا الشام بعد قتل المنذر أبيه. وقال أبو عبيدة: هذه القصيدة لعمرو بن الحارث الغساني في غزوة العراق. ورواية الديوان: " أن حيًّا حلولا " بالنصب، صفة " حيًّا " وهي الرواية الجيدة. وخبر " أن " محذوف، كأنه يقول: قد تألبوا يترصدون لك. وحذفه للتهويل في شأن اجتماعهم وترصدهم. والبيت الذي يليه دال على ذلك، وهو قوله:
وَأَنَّ الْقَوْمَ نَصْرُهُمُ جَمِيعٌ ... فِئَامٌ مُجْلِبُونَ إِلَى فِئَامِ
ورواية الرفع، لا بأس بها، وإن كنت لا أستجيدها. وقوله: " حرام " كأنه يعني بني حرام ابن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة بن سعد هذيم. أو كأنه يعني بني حرام بن جذام بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد بن زيد. ودار جذام جبال حسمى، وأرضها بين أيلة وجانب تيه بني إسرائيل الذي يلي أيلة، وبين أرض بني عذرة من ظهر حرة نهيل (معجم البلدان: حسمى). فمن أجل أن بنى عذرة هذه ديارهم قريبة من جذام، شككت فيمن عني النابغة ببني حرام في هذا البيت.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٤٨٩.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٥٠): ص ١/ ٨٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٥١): ص ١/ ٨٢.
(٥) صفوة التفاسير: ١/ ٤١.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٥٢): ص ١/ ٨٢.
(٧) صفوة التفاسير: ١/ ٤١.
(٨) تفسير البغوي: ١/ ٨٠.
(٩) المحرر الوجيز: ١/ ١٢٣.
(١٠) تفسير ابن كثير: ١/ ٢٢٥ - ٢٢٦.
(١١) أخرجه الطبري (٦٧٦): ص ١/ ٤٩٧.
(١٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٥٣): ص ١/ ٨٢.

2 / 179