الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
وبنحو ذلك في حديث رسول الله ﷺ فمن ذلك قوله ﷺ: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (١).
وقد قال ﷺ: "تبسمك في وجه أخيك صدقة" (٢).
وقد مر شاب على النبي ﷺ فرأى أصحاب النبي ﷺ جلدة ونشاطة فقالوا: يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ: "إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" (٣).
وقال النبي ﷺ: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجرًا فقال: في كل كبد رطبة أجر" (٤).
وقال رسول الله ﷺ: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" (٥).
وعن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: "نزع رجل لم يعمل خير قط غصن شوك عن الطريق إما كان في شجرة فقطعه فألقاه وإما كان موضوعًا فأماطه، فشكر الله له بها فأدخله الجنة" (٦).
هذا وغيره من الأعمال التي تنبع من نفس تحب الخير وترغب في العطاء، ويبتغي بذلك وجه الله، أي تقدم نفعًا للمجتمع فهو عبادة، لذلك قال العلماء النية تقلب العادة عبادة.
٤ - ومنها أن المفهوم العام للعبادة له آثار إيجابية على سلوك الناس، ومن أبرز هذه الآثار: أن الإنسان العاقل عندما يقدم على عمل ويعتبره عبادة فإنه سيؤديه على أحسن وجه لأنه يرجو ثوابه عند الله على مقدار إخلاصه وصدقه في أدائه، سواء كان يؤدي حرفة أو تعليمًا أو أداء وظيفة إدارية، أو يقدم بحثًا علميًا فإنه في عبادة وبالتالي سيبذل أقصى ما يستطيع من جهد، لأن في حسه أنه يؤدي عبادة والله مطلع عليه "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" (٧).
٥ - ومنها ان الإحسان في العبادة "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (٨).
(١) صحيح مسلم رقم ٣٥ باب عدد شعب الإيمان ١/ ٦٣. (٢) رواه الترمذي في جامعه عن أبي ذر رقم ١٩٥٦ باب ما جاء في صنائع المعروف ٤/ ٣٣٩. (٣) مجمع الزوائد ٤/ ٣٢٥، ورجال المعجم الكبير رجال الصحيح. (٤) متفق عليه: صحيح البخاري رقم ٢٣٣٤ باب الآبار ٢/ ٨٧٠، ورواه مسلم رقم ٢٢٤٤ باب فضل ساقي البهائم ٤/ ١٧٦١. (٥) متفق عليه واللفظ للبخاري رقم ٢١٩٥ باب فضل الزرع ٢/ ٨١٧، ومسلم رقم ١٥٥٢، ٣/ ١١٨٨. (٦) رواه ابن حبان في صحيحه رقم ٥٤٠ ٢/ ٢٩٧. (٧) مجمع الزوائد ٤/ ٩٨، وقال: رواه أبو يعلى، ورواه الطبراني في الأوسط رقم ٨٩٧. (٨) متفق عليه: رواه البخاري رقم ٥٠ باب سؤال جبريل ١/ ٢٧، ومسلم رقم ٩ كتاب الإيمان ١/ ٣٩.
1 / 254