الإبطال والرفض لعدوان من تجرأ على كشف الشبهات بالنقض

عبد الكريم الحميد ت. غير معلوم

الإبطال والرفض لعدوان من تجرأ على كشف الشبهات بالنقض

الناشر

دار الصفوة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

تصانيف

المقدمة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. ... أما بعد .. فقد اطلعت على ما كتبه المدعو حسن بن فرحان المالكي في رسالة له سماها ظلمًا وعدوانًا: (نقض كشف الشبهات) والعنوان دال على المضمون والإناء ينضح بما فيه، ولقد نضح إناء هذا الضال فظهر مكنونه، وبئس المكنون والظاهر، فهو صفقة مغبون خاسر. لقد تطاول المسكين على جبال شامخة العلو ثابتة الأصل يُزاولها بيد شَلاّ يروم قلعها فتقطعت أوْصاله، وظهر ضلاله وخباله. وما هي أول قارورة كُسِرَتْ وإنما جاء في الساقة، ومن أدركه الشقاء جَدّ في لحاقه. إن من سَبَر حقيقة دعوة هذا الإمام الجليل والشيخ التقي النبيل محمد بن عبد الوهاب قدّس الله روحه وتابع مسيرها رأى

1 / 5

منظومة متشابهة من خصومها وأنهم وإنْ تفارقوا في الأوطان وتعاقبوا في الأزمان إلا أن الجامع لمفترق طُرُقهم هو الضلال عن الهدى، وعمى البصائر الموجب للردى فهم كما قال تعالى: ﴿تشابهت قلوبهم﴾ ولقد رأيت أعظم شبهة يُشَبِّهون بها على الشيخ هي تكفير المسلمين وقتالهم وغير ذلك من التشنيع واختيار أقبح الألفاظ التي يشينون بها هذه الدعوة ويشنجونها، ولقد زاد عليهم هذا الباغي المفتري بأن وَصَف هذه الدعوة بأنها حركة سياسية، ولقد أضحك العقلاء بسخافاته وهذيانه، وأعظم ما يرمي به الشيخ كإخوانه وسلفه تكفير المسلمين وقتالهم. والذي يطّلع على كتابه (قراءة في كتب العقائد) وغيره من ثمار شجرته الحنظلية ويرى كلامه في الصحابة رضوان الله عليهم وجرأته وخوضه فيما شجر بينهم وجرأته على العلماء يعرف مدى ضلاله وانحرافه. ولقد تناول كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀ (كشف الشبهات) لينقضه بزعمه وما زاد أن فضح نفسه بنشر خِزْيه وإعلان ضلاله وجهله ولم يدرك مراده. والذي أنبِّه عليه قبل البدء هو حيلة تحيّلها هذا المزوّر الملبّس بأنه يقتطع جملًا يبترها من كلام الشيخ بترًا بحيث تكون مفصولة عما قبلها وما بعدها لظنه أنه بهذا يُرَوِّج زيْفِه ويعمي على الأعين

1 / 6

ضوء الشمس. ولذلك أرفقت كتاب الشيخ ﵀ (كشف الشبهات) موضحًا ما أسقطه لتتجلى معاني كلام الشيخ دون لبْس، فالكلام الذي تركه هو الذي تحته الخطوط في (كشف الشبهات). كذلك أرفقت ردًا عليه مختصرًا عنوانه (ملامح جهمية) كنت كتبته عام ١٤٢٠هـ ليزداد القارئ تبصرًا به. والحمد لله. كتبه عبد الكريم بن صالح الحميد بريدة - ١٤٢٢هـ

1 / 7

جرأة المالكي الشيطانية قال المالكي في ص٢ من كتابه: (أولًا: أخطاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه "كشف الشبهات"). الجواب: قوله: أولًا. يُفهم منه أنه سيتتبّع كتب الشيخ ﵀ ويبين أخطاءه المزعومه فيها، لأن كتاب المالكي هذا ليس فيه ثانيًا، فهو مخصص لأخطاء كشف الشبهات فقط. وسيأتي بعد ذلك: ثانيًا وثالثًا، وهكذا بقية الكتب. سيأتي من هذا الوغْد المتعالم ما يرفع الله به درجات الشيخ محمد حيث قالت عائشة ﵂: (ما أطلق الله ألسنة الخلق بسب أصحاب نبيه إلا ليجري لهم أعمالًا صالحة بعد موتهم وانقطاع أعمالهم) فليعرف المحب للشيخ محمد هذا ولا يحزن، وهكذا أئمة الدين بعدهم لهم نصيب من هذا. وبعض السلف يقول في شأن الوقيعة في الشخص بغير حق: (وهل أحسن من أن تجد في صحيفتك يوم القيامة حسنات لم

1 / 8

تعملها). كذلك فإن مما يصنع الله لأوليائه أن يُقَيّض لهم من يَعيبهم ويتنقصهم من الأوباش الذين لا ينظرون في مواضع أقدامهم ليجدد الله لأوليائه الذكر الجميل والثناء الحسن ويُظهر لعباده منهم ما يزيدهم معرفة بفضلهم وكمالهم وهذا من باب: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني فاضلُ ومن باب: الضّدُّ يظهر حسنه الضّدّ وبضدها تتبين الأشياءُ فيقال لهذا الجاهل المتعالم: من أنت ومن تكون حتى تزعم بنفخة كِبْر وغرور خُيَلاء أنك تبين أخطاء من جحدتَ فضله ومِنّته عليك بعد الله ورسوله، فتنكّرت للنعمة ودفعتها دفع الصائل، وصنعت للبرءَاء العيْب، لكنك أخرق لا تجيد الصنعة، وسوف أبيّن بمعونة الله وتوفيقه بطلان اعتراضك على الشيخ وأن الذي دعاك أن تتقحّم ما تقحّمت وتهذي بما تكلمت هو شَرَقُكَ بالتوحيد وضيق عطنك به لظلمة في قلبك وكدر في فهمك. ولست أول من ضاد هذه الدعوة المباركة ورمى أهلها بالعظائم وإنما أنت حلقة من سلسلة صدئة متآكلة مُتفصّمة. ونبشرك بنصيب إخوانك ممن سلف ومَن هو باق منهم ممن يُضيّقون الديار ويُغلون الأسعار أنه ميراث كبير وحظ كثير من قوله تعالى فيما ضَمِنه وحَقّقه سبحانه لنبيه ﷺ وهو قوله تعالى:

1 / 9

﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ وهذا الضمان مستمر لِوَرَثة الرسول ﷺ أن من شنأهم وعابهم لأجل الحق الذي يأتون به أنه هو الأبتر. فهذا ميراث لأعدائهم يُقرُّ به عيونهم ويَشْف به غيظ قلوبهم. كما أن لهم ميراث آخر لهم منه حظ وافر وهو مما أعطاه الله رسوله وحبيبه ﷺ قال تعالى: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾. ومن استقرأ التأريخ في القرآن والسِّيَر رأى ذلك حاصلًا بظهور بيّن سواء الرسل ﵈ مع أممهم أوْ وَرثتهم مع من ينصرهم ومع من يضادهم ﴿ولن تجد لسنة الله تبديلا﴾ ﴿ولن تجد لسنة الله تحويلا﴾.

1 / 10

إتهام المالكي للشيخ أنه يُكَفِّر بالغلو في الصالحين وإليك أيها القارئ كلام المالكي. قال: أولًا: أخطاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه كشف الشبهات: ١ - يقول في ص٥: (فأولهم نوح ﵇ أرسله الله إلى قومه لما غلوا في الصالحين ودًا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا ...). أقول: هذا الكلام فيه نظر فإن الله أرسل نوحًا إلى قومه ليدعوهم لعبادة الله وترك الشرك فقد كانوا يعبدون الأصنام وليس فعلهم مجرد (غلو في الصالحين) فٍإن هذه اللفظة تحتمل الخطأ والبدعة عند إطلاقها فتقبيل اليد قد يعتبر من الغلو والتبرك بالصالحين قد يعتبر غلوًا ... وهذا أخف من الشرك الأكبر المخرج من الملة. ص٢ (نقض المالكي). والجواب: قد ظهر فيما تقدم معنى قوله: (أولًا) ولم يأت لها (ثانيًا) في نسخته المشئومة فعُلم أن تطاوله على كتاب (كشف الشبهات) ابتداء وأن عنده من مفترياته أُخيّات، ولا يُنتظر من مثل هذا الأرعن إلا عقارب وحيّات لكنه يجني على نفسه باسْتزادته من السيئات.

1 / 11

وكلام الشيخ ﵀ واضح وليس فيه مطعن لأحد إلا مطعنًا واحدًا هو من باب: حسدوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصومُ كضرائر الحسناء قُلْن لِوَجهها حسدًا وبغيًا: إنه لَدَميم فيقال لهذا الضال: الشيخ ﵀ بدأ كتابه بقوله: (إعلم رحمك الله أن التوحيد هو إفراد الله سبحانه بالعبادة. وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده) ثم ذكر ﵀ العبارة التي اقْتطع المالكي. فالشيخ في بَدْء كلامه ذكر التوحيد وفَسَّره بأنه إفراد الله سبحانه بالعبادة ثم ذكر أن هذا الإفراد لله بالعبادة هو دين الرسل، ثم بدأ بنوح ﵇ لأنه أول الرسل بعد طُروء الشرك في بني آدم. ثم قال: (لما غَلَوْا في الصالحين) وذكرهم، أراد ﵀ أن الذي أوْصلهم إلى الشرك الأكبر هو الغلو في الصالحين ولم يُرد الشيخ أن دينهم فقط هو الغلو. ولذلك قال ﵀ بعد الكلام السابق: (وآخر الرسل محمد ﷺ وهو الذي كسّر صور هؤلاء الصالحين) والنبي ﷺ كسرها لأنها تُعبد من دون الله فانتظم الكلام أوله وآخره وأنه في الشرك الذي سببه الغلو في الصالحين كما حصل لقوم نوح الذين يعرف كل أحد أنهم مشركون وأن شركهم

1 / 12

ليس بمجرد الغلو وإنما الغلو أوْصلهم إلى الشرك. يوضح مراد الشيخ وأنه الشرك قوله في كتابه (التوحيد): (باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين) فانظر كيف أن الشيخ أراد شرك قوم نوح الذي كان طريقه الغلو في الصالحين. ولذلك جعله سبب الكفر ولم يجعله لوحده كفرًا. وهذا واضح. ولذلك ذكر الشيخ في هذا الباب قصة قوم نوح التي في الصحيح عن ابن عباس ﵄ في قوله تعالى: ﴿وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرا﴾ قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم ففصلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت. إنتهى. فهذه القصة لقوم نوح ساقها ﵀ مبيّنًا أن سبب كفرهم هو الغلو في الصالحين. ويزيد الأمر وضوحًا قول الشيخ في مسائل هذا الباب: (الثانية: معرفة أول شرك حدث على وجه الأرض أنه بشبهة الصالحين) فانظر تصريحه بشركهم وأن شبهة الصالحين هي أوصلتهم إليه. ويوضحه قوله في مسائل الباب نفسه:

1 / 13

(العاشرة: معرفة القاعدة الكلية وهي النهي عن الغلو ومعرفة ما يؤول إليه) فانظر قوله: النهي عن الغلو ومعرفة ما يؤول إليه. فهو يفرق بين الغلو وبين ما يؤول إليه وهو الشرك. ويوضحه الباب الذي بعد الذي بعده قال ﵀: (باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيّرها أوثانًا تعبد من دون الله) فانظر قوله: الغلو ثم قوله: يصيّرها وأن المراد أن الغلو طريق الشرك. فالغلو الذي أراده الشيخ في (كشف الشبهات) هو الشرك لأنه قرنه بقوم نوح ومعبوديهم.

1 / 14

إتهام المالكي الشيخ بالتلبيس ثم قال المالكي بعد الكلام السابق: ص٢: والشيخ محمد ﵀ قال الكلام السابق ليدلل أن دعوته هي امتداد لدعوة الرسل الذين بعثوا إلى قوم ليس لهم من أخطاء إلا الغلو في الصالحين !! لأن الشيخ محمد كان خصومه يردون عليه بأن هؤلاء الذين تقاتلهم وتكفرهم أناس مسلمون وقد يوجد عند عوامهم أو علمائهم غلو في الصالحين لكن هذا لا يبرر لك تكفيرهم ولا قتالهم. فكان الرد على هذه الشبهة - وهي شبهة قوية - حاضرة في مخيلة الشيخ عند تأليفه الكتب أو كتابته الرسائل فتنبه لهذا. إنتهى (نقض المالكي). الجواب: كذب الضال وكذب خصوم الشيخ الذين يرمونه بأنه يُكَفِّر بالغلو بالصالحين لأنه ليس كذلك. وأما أن الشيخ ذكر الكلام السابق لِيُدلّل أن دعوته هي امتداد لدعوة الرسل الذين ليس لقومهم من أخطاء إلا الغلو في الصالحين فهذا صريح أن الشيخ مُلّبِّس وكاذب ومُشبِّه أيضًا. فتلبيسه أنْ جعل بعثة الرسل إلى قومهم وتكفيرهم لهم لأجل الغلو في الصالحين لِيُمَشِّي دعوته التي قامت على هذا الأصل وهو التكفير

1 / 15

بالغلو. وكذِبه أنه ليس لأقوام الرسل خطأ إلا الغلو في الصالحين. وتشبيهه أن هذا الكذب على الرسل وعلى أقوامهم حاضر في مخيّلة الشيخ عند تأليفه الكتب أو كتابته الرسائل، وعلى هذا التقعيد والتأصيل المالكي فليُحذر الشيخ وكتبه ورسائله فهي مبنية على هذه القواعد المالكية وهي أن الشيخ يُكَفِّر بالغلو. فهذا ما يرمي به هذا الضال الشيخ وبرأه الله من هذا الافتراء المحض، ولقد قال فيه أعداؤه أعظم من ذلك وماضر القمر نباح الكلاب، والحمد لله أن كتب الشيخ ورسائله محفوظة ومنتشرة في الأقطار وفيها ما يدحض باطل كل مبطل لاسيما هذا الأحمق الأخرق فقد تقدم بيان الأمر وتوجيهه على وجهه الصحيح والحمد الله. وقد قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن ﵏ في مثل هذا الجاهل الأحمق: يارافِلًا في ثياب الجهل مفتخرًا ... وشاربًا من كؤوس الغَيِّ نَشْوانا نصرت والله أعداء الرسول وقدْ ... عاديت من أسَّسوا للدين أركانا وقال: ... والله مال كفّروا يامن قضى شططا ... إلا الذي بصريح الشرك قدْ دانا إنْ كان قدْ عرف التوحيد ثم أتى ... بضِدِّه لَوْ يُصَلي الخمس إدْمانا

1 / 16

وقال: ... لابد من عصبة بالحق ظاهرة ... ينفون عن سنة المعصوم ماشانا غضبت من حجة لله قدْ ظهرتْ ... من عصبة ثابتي الأقدام إيمانا هَلاّ غضبت لِشرع الله إذْ طُمِسَتْ ... أعلامه في بلاد الله أزمانا

1 / 17

إتهام المالكي الشيخ بالتزوير ليُبَرِّر التكفير ثم قال المالكي: وقوله [يعني الشيخ محمد] ص ٥ - ٦: (وآخر الرسل محمد ﷺ) [هكذا الصلاة على النبي مرموزة، وهذا منكر والشيخ محمد لا يفعل هذا ولا أهل دعوته] وهو الذي كسّر صور هؤلاء الصالحين أرسله الله إلى قوم يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله. ثم علق المالكي بقوله: أقول: هكذا يرسم صورة جميلة عن كفار قريش ليبرر له تكفير المسلمين كالكفار (يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله ... !!). الجواب: كذب الضال فإن الشيخ محمد ﵀ أراد بهذا الكلام أن يبين أن الشرك لا تنفع معه هذه الأمور التي يفعلها كفار قريش. أما كون الشيخ ذكر ذلك ليبّرر له تكفير المسلمين فهذا مما يحمي الله الشيخ منه حيث إنه لم يكفر المسلمين وإنما كفَّر من كفّرهم الله ورسوله كما سيتبين من كلام الشيخ الذي أتى بطرفه المالكي ليُشبّه به.

1 / 18

ثم قال المالكي: ثم ذكر الصفة التي من أجلها قاتل الرسول ﷺ الكفار وقاتل محمد بن عبدالوهاب المسلمين فقال: (لكنهم - يعني كفار قريش - يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله!!) يعني فجاز قتالهم ويجوز لنا نحن قتالهم للسبب نفسه!!. الجواب: الحق ما شهدت به الأعداء، فهذا المالكي يقول على لسان الشيخ: ويجوز لنا نحن قتالهم للسبب نفسه، فالمالكي يعيب الشيخ باتباعه الرسول ﷺ وذلك بتكفيره ومقاتلته من يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله. هل يحلم المالكي أن تقوم له حجة بمعارضة الحق؟ ﴿يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا﴾. الأمر جليّ واضح أن الشيخ متبع ليس بمبتدع فلم يبق إلا التشبيه والتلاعب بكلام الشيخ لعلها تنجح نيابة المالكي عن شيطانه الذي أغواه وأضلّه.

1 / 19

دفاع المالكي عن المشركين بالتلبيس وَوَساوس إبليس ثم قال المالكي الضال: سبحان الله، كفار قريش الذين لا يقولون (لا إله إلا الله) ولا يؤمنون بيوم القيامة ولا البعث ولا جنة ولا نار ولا يؤمنون بنبي ويعبدون الأصنام ويقتلون ويظلمون ويشربون الخمور ويرتكبون المحرمات مثلهم مثل المسلمين المصلين الصائمين الحاجين المزكين المتصدقين المجتنبين للمحرمات ويفعلون مكارم الأخلاق ... لا، ليسوا سواء، حتى وإن تأول علماؤهم وجهل عوامهم فالتأويل والجهل باب واسع لكن لا يساوي فيه من يقوم بأركان الإسلام ممن لا ينكرها. إنتهى ص٣ (نقض المالكي). الجواب: المالكي لم ينقل كلام الشيخ الذي في كشف الشبهات وهو بعد الكلام السابق، وهو: (يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله ونريد شفاعتهم عنده مثل الملائكة وعيسى ومريم وأناس غيرهم من الصالحين فبعث الله إليهم محمدًا ﷺ يجدّد لهم دين أبيهم إبراهيم ﵇. ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله لا يصلح منه شيء لا لملك مقرّب ولا نبي مرسل فضلًا عن غيرهما).

1 / 20

هذا الكلام تركه المالكي لئلا يفتضح ببيان الشيخ مراده من الغلو بالصالحين وأنه الموصل إلى هذا كما حصل لقوم نوح فهو ملبّس مزوّر. وكلام المالكي هذا اعتراض على من يُكفرّ ويقاتل من كفّر الله ورسوله وقاتلهم رسول الله ﷺ. كذلك هو اعتراض على أهل السنة في حكم المرتد الذي يتكلم بالكفر أو يفعله ولو أنه يصلي ويصوم ويحج ويزكي ويتصدق ويجتنب المحارم ويفعل مكارم الأخلاق كما زعم المالكي. فهذا انتقض إسلامه فلا تنفعه هذه الأعمال. وقول المالكي: لا يساوي فيه من يقوم بأركان الإسلام ممن لا ينكرها. يقصد أنه لا يساوي في التكفير والقتال من يقوم بأركان الإسلام ممن ينكرها يعني كفار قريش و(لا) زائدة فهي خطأ لأنها لا تصح العبارة إلا هكذا حيث أن مراده بيّن من سياق كلامه. فيقال للضال: نعم لا يساوى بين هؤلاء، وبرأ الله الشيخ محمد عن أن يساوي بينهم لكن مصيبتك أنك ما عرفت قدر نفسك فلذلك اصابك من الغرور ما تقحمت به عظائم الأمور. الشيخ محمد وأتباعه لا يساوون بين هؤلاء لكن أنت فضحت نفسك وأعلنت جهلك حيث نقلت كلام الشيخ في أنه يُقاتل الذين

1 / 21

قاتلهم رسول الله ﷺ وهم الذين يجعلون بينهم وبين الله وسائط ثم ذكرت أنه لا يساوى بين من يقوم بأركان الإسلام ممن ينكرها فمعنى كلامك واضح وهو أن الذين يجعلون بينهم وبين الله وسائط قائمون بأركان الإسلام. إن الذي يقول: إن المصلي إذا توضأ ثم بال وصلى صحّت صلاته كلامه هذا أحسن من كلامك لأنه غلط في شأن الطهارة للصلاة وأنت غلطت في شأن الكفر والإسلام. إن الذي يجعل بينه وبين الله وسائط دينه دين قريش وإن صلى وصام وحج وزكى، وقد أخبر الله عن كفار قريش أنهم قالوا: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم كفر إجماعًا. نقله عنه صاحب الفروع وصاحب الإنصاف وصاحب الإقناع وغيرهم، وقال أيضًا: فمن أثبت وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين يكونون بين الملك وبين رعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه وأن الله إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم. بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم

1 / 22

من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو مشرك يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قُتل. وهؤلاء شبّهوا الخالق بالمخلوق وجعلوا لله أندادًا، وفي القرآن من الرد على هؤلاء مالا تتسع له هذ الفتوى، فإن هذا دين المشركين عُبّاد الأوثان، كانوا يقولون: إنها تماثيل الأنبياء والصالحين وأنهم وسائل يتقربون بها إلى الله، وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى. إنتهى. (١)

(١) الدرر السنية ٩/ ٢٧٣.

1 / 23

كلام مهم في معنى التوحيد من تأمل كلام شيخ الإسلام هذا عرف حقيقة دين الإسلام، وأن اتخاذ الوسائط شرك، ولا فرق بين الصنم والقبر والشجر والحجر لأن الشأن كل الشأن في اعتقاد القلب الموجب لحركته بالحب والخوف والرجاء لمخلوق مهما يكن فهذا مُفسد لحركته الفطرية الطبيعية الخلْقية التي تطلب وتريد الإله الحق سبحانه بلا مزاحم في القلب ولا مساكن بل بالتفريد والتجريد، وهذه هي حقيقة التوحيد، والقلب المتصف بذلك هو القلب السليم. والمراد أن هذا الشرك مستمر في بني آدم وإن اختلفت صوره فالمعنى واحد وهو تشبيه من ليس له شبيهًا بملوك الدنيا والوسائط التي تكون بينهم وبين الناس، ولذلك يسمون الوسيط المزعوم في زمن الشيخ محمد: صاحب السِّر، ويسمون ذلك الاعتقاد، والسيّد. والشيخ ﵀ دعاهم إلى إلههم الحق الذي ليس كملوك الدنيا تتخذ الوسائط بينهم وبين الناس في حصول رغبة أو دفع رهبة فهذا من نقصهم المنفي عن الإله الحق، فإنهم لا يحيطون علمًا بالناس فيحتاجون إلى من يُعْلمهم، أما الإله الحق سبحانه فهو بكل شيء عليم. ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾.

1 / 24