والشك في صغر الأقدام والكبر كان المغيرة بن شعبة الثقفي من المعاندين لعلي عليه السلام، والمراد بالشبهة ما رواه المنصور[بالله عبدالله بن حمزة](1) عليه السلام في (كتاب الشافي)، عن المغيرة أنه قال: أنا أول من صرف هذا الأمر عن أهل هذا البيت، وذلك أني أتيت يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر لازم للباب فقلت: ما وقفتك هاهنا؟ فقال: انتظر علي بن أبي طالب يخرج فنبايعه فقد سمعنا فيه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سمعنا، فقلت: أنشدك الله عن الإسلام وأهله، والله لئن فعلتم ذلك لتكونن قيصرية، وكسروية، ولينظرن(2) بها الجنين في بطن المرأة(3)، قال: فخف معي [إلى](4) عمر، وكان أبو بكر لا يخالفه، قال عمر لأبي بكر: ما دعاك إلى ما يقول المغيرة؟ أنظر يا أبا بكر لا تطمع في هذا الأمر بني هاشم، فإنا إن فعلنا ذلك ذهبت الإمرة من (قريش) آخر أيام الدنيا، قالوا: وكان المغيرة من أهل المكر والغدر، فمن ذلك أن معاوية لما ولاه (الكوفة)، ندم معاوية على ذلك، وبدا له أن يوليها عبد الله بن عامر، فلما بلغ أهل (الكوفة) خرجوا للقائه، فجعل المغيرة لا يسأل عن أحد إلا قيل له: قد خرج إلى عبد الله بن عامر، حتى سأل عن كاتبه فقيل له: قد لحق بعبد الله بن عامر(5)، فقال: يا غلام، شد رحلي، وقدم بغلي، فخرج حتى أتى (دمشق)، فدخل على معاوية، فقال له: أي شيء أقدمك.
فقال: يا أمير المؤمنين، قد كبرت سني وعجزت عن العمل، وما أساء علي شيء إلا على شيء واحد وددت أنه لا يفوتني.
قال: وما هو.
قال: كنت دعوت أشراف (الكوفة) إلى البيعة ليزيد فأجابوا إلى ذلك، ووجدتهم سراعا نحوه(6)، فكرهت أن أحدث أمرا دون رأيك، فقدمت لأشافهك بذلك، وأستعفيك عن العمل.
صفحة ٣٦٠