شعر ريتشارد في تلك اللحظة أن التاج في قبضته. وفي أواخر يوليو أو أوائل أغسطس، أرسل خطابا إلى سير روبرت براكنبري - مسئول الأمن بالبرج - يأمره بقتل الأميرين، إلا أن براكنبري رفض.
ومن ثم، أسند ريتشارد المهمة إلى جيمس تيريل، وهو مؤيد له ذو شخصية طموحة، وقد استعان بتابعين أمينين في هذه المهمة. وبحسب رواية مور، انتظر تيريل بالخارج بينما تسلل الآخران إلى أعلى حيث الأميران النائمان، «وعلى حين غرة قاما بلفهما داخل أغطيتهما»، وضغطا «بقوة على فميهما بالحاشية الريش والوسائد»، ثم قام الرجال الثلاثة بدفن الجثمانين «أسفل الدرج في عمق الأرض وفق مقاسات محددة تحت كومة كبيرة من الأحجار.»
إذا كان ريتشارد هو الشرير في قصة مور، فقد كان البطل هو هنري السابع، الذي ذبح ريتشارد عام 1435 في ساحة معركة بوسورث، واضعا نهاية لحرب الوردتين الدموية ومؤسسا لسلالة الملوك التيودوريين السعيدة.
أو هكذا كتب مور. ولكن هل كان هذا صحيحا؟ •••
كان من الصعب على الجميع حتى أنصار ريتشارد التشكيك في نزاهة سير توماس مور وأمانته. فقد كان في النهاية الرجل الذي أعدم عام 1535 لأن ضميره لم يكن ليسمح له بأن يجاري خطة هنري الثامن لتطليق كاثرين - من أراجون - والزواج من آن بولين. فقد كان مور كاتبا، وفيلسوفا، وقديسا (بعد تطويبه عام 1935) بالمعنى الحرفي إلى حد كبير.
لا تظهر اللوحات الأولى لريتشارد أي علامات للظهر المحدودب أو الذراع غير المكتملة النمو، اللذين استخدمهما شكسبير ومور للتعبير عن تشوهه الأخلاقي والجسدي كذلك. (مكتبة الكونجرس.)
ولكنهم شككوا. ففي عام 1768، وصف سير هورس والبول مور بأنه «مؤرخ قادر على توظيف الحقيقة فقط كمادة لاحمة في نسيج من الخيال.» فلا يمكن إنكار أنه كان مخطئا في حقائق معينة، منها وصفه لتشوهات ريتشارد. فلم يظهر الظهر المحدودب والذراع غير مكتملة النمو في أي مرجع معاصر آخر.
شكك أنصار ريتشارد كذلك في مصادر مور. فقد كان مور في الخامسة فقط من عمره حين اعتلى ريتشارد العرش، وفي السابعة حين توفي؛ لذا من الواضح أن كتاباته لم تكن عن مشاهدة شخصية. ولعل الكاردينال جون مورتون، الذي عاش مور صباه في منزله، كان أحد مصادره، وهو مصدر من الصعب أن نتخيل وجود مصدر آخر أكثر تحاملا منه؛ فقد تعرض مورتون للسجن والنفي على يد ريتشارد الثالث.
إلى جانب أن مور لم ينته من كتابه «تاريخ الملك ريتشارد الثالث» ولم ينشره، حسبما أشار أنصار ريتشارد؛ ولذا خمنوا أنه ربما يكون قد تخلى عن المشروع عندما علم الحقيقة بشأن ريتشارد وهنري.
والأهم من ذلك، فقد ذهب أنصار ريتشارد إلى أن رواية مور لم تكن منطقية؛ فلو كان المجلس الملكي قد حكم بالفعل بأن الأميرين أبناء زنا ومن ثم لا يمكنهما وراثة العرش، فلماذا اضطر ريتشارد لقتلهما؟ ولو أن هنري قد وجد أن الأميرين غير موجودين حين استولى على البرج في عام 1485، فلماذا لم تثر ثائرته بشأن ذلك، أو على الأقل يبحث عن الجثمانين؟
صفحة غير معروفة