بعد الانتهاء من بحثه عن المكان الذي دفن فيه آرثر، اتجه رادفورد إلى محل ميلاده. كان جيفري قد قال إن قلعة تينتاجل على الساحل الكورنوولي هي التي شهدت العلاقة التي أثمرت عن آرثر بين أوثر وإيجرنا، فكانت هي وجهة الحفر التالية لرادفورد. وغمرته السعادة حين وجد - أسفل القلعة التي يرجع تاريخها لأواخر العصور الوسطى - بقايا فخار مستورد من القرن الخامس أو السادس. وبالطبع لم يثبت ذلك شيئا بشأن أوثر أو إيجرنا، إلا أنه أوحى بأن أناسا على قدر كبير من الثراء قد عاشوا هناك في نفس الوقت تقريبا.
كان الأمر الأكثر إثارة هو نتائج البحث عن قلعة كاميلوت الأسطورية، المقر الرئيسي لآرثر. كانت قلعة كادبوري، التي تقع على مسافة قصيرة من جلاستونبري، قد ارتبطت في الأساطير الشعبية بكاميلوت منذ القرن السادس عشر على الأقل. وفيما بين عامي 1966 و1970، شرع علماء الآثار بتوجيه من ليسلي ألكوك في الحفر بحثا عن أدلة.
وتحت الأرض العالية المعروفة محليا ب «قصر آرثر»، اكتشف ألكوك أساسات ردهة كبيرة مبنية من الخشب تظهر حرفية بارعة. كذلك عثر ألكوك على بقايا سور حجري غير مملط يطوق جزءا من التل، وبرج بوابة.
كل هذا أشار إلى وجود حصن كبير يعود تاريخه لقرابة عام 500. وكتب ألكوك في نشوة فرحه أنه «لدينا ما يبرر أننا نستطيع أن نتخيل آرثر وقواته يلهون ويعربدون ... في ردهة مماثلة لتلك الموجودة في كادبوري، ويخرجون للمعركة على خيولهم عبر برج بوابة كذلك الموجود في المدخل الجنوبي الغربي.»
بالطبع، لم يثبت ذلك أن قلعة كادبوري هي كاميلوت، مثلما أقر ألكوك دون تردد. فقد كان هذا تلا منيعا أكثر من أي حصن حقيقي، فضلا عن قلعة غراميات العصور الوسطى. علاوة على ذلك، لم يتم العثور على شيء في كادبوري يربط الحصن باسم آرثر؛ فلعلها كانت المقر الرئيسي لأي قائد جيش من القرن السادس.
صاغ رادفورد وألكوك نتائجهما بدقة، مشددين على أنهما قد أفشيا عن بريطانيا في عهد آرثر أكثر مما أفشياه عن آرثر نفسه. غير أن اكتشافاتهما وضعت آرثر لا محالة في المشهد الرئيسي، وسارعت بعض التقارير الإعلامية عنها إلى مساواة كادبوري بكاميلوت.
وقد أثار ذلك بدوره رد فعل عنيفا بين الأكاديميين، الذين أعادوا سرد كل مواطن قصور المصادر الويلزية وكذلك الاكتشافات الأثرية. ولا يزال الشك هو السائد بين غالبية الأكاديميين، حتى إن أحدهم قد وصف الحجة المؤيدة لوجود آرثر بأنها لا تعدو أكثر من القول بأنه لا يوجد دخان بلا نار.
والدخان كان موجودا. فبوسعنا أن نثق تماما بأنه في وقت ما في القرن الخامس أو السادس، كان هناك انتعاش ونهضة قصيرة للبريتانيين. وفي مكان ما يسمى جبل بادون، قاد أحدهم البريتانيين إلى النصر. وقد أطلق الشعراء الملحميون الويلزيون، الذين كانوا يكتبون في وقت أقرب للأحداث الفعلية من أي مؤرخين جاءوا لاحقا، على قائد البريتانيين آرثر.
ومن ثم يمكننا أن نحذو حذوهم.
لمزيد من البحث
صفحة غير معروفة