لم يورد لنا يوحنا بعد ذلك قائمة كاملة بأسماء الرسل، على الرغم من إشارته إلى الاثني عشر في موضع واحد فقط (يوحنا، 20: 24). ولكنه ذكر منهم في سياقات مختلفة إضافة إلى أولئك الأربعة المدعوين أولا، كلا من: توما ويهوذا بن يعقوب الذي دعاه يهوذا غير الإسخريوطي تمييزا له عن الإسخريوطي، ثم يهوذا الإسخريوطي. كما ذكر ابني زبدي (أي يعقوب ويوحنا) مرة واحدة فقط دون الإفصاح عن اسميهما. أي أن القائمة الكاملة تحتوي على عشرة رسل فقط، هم:
بطرس، أندراوس، فيليبس، توما، يهوذا غير الإسخريوطي، يهوذا الإسخريوطي، ابنا زبدي، التلميذ المجهول، نثنائيل.
بناء على ما تقدم فإن قائمة الرسل الوارد ذكرهم في الأناجيل الأربعة، يجب أن تحتوي في رأينا على 17 رسولا بدلا من 12 وفق ما يلي، بعد تغيير موضع اسم متى ليغدو التلميذ الخامس، وذلك وفق ترتيب دعوته الذي جاء بعد الأربعة الأوائل: (1) بطرس (2) أندراوس (3) يعقوب (4) يوحنا (5) متى (6) لاوي بن حلفي (7) فيليبس (8) برتلماوس (9) توما (10) يعقوب بن حلفي (11) تداوس (12) لباوس (13) يهوذا بن يعقوب (14) سمعان الغيور (15) يهوذا الإسخريوطي (16) نثنائيل (17) التلميذ المجهول.
إن خلاصة ما يمكن قوله بخصوص الرسل هو أن تعبير «الاثنا عشر» هو تعبير عام للدلالة على الحلقة الداخلية الضيقة من تلاميذ يسوع وهم الذين أرسلهم أمامه للتبشير. ويبدو أن عدد هؤلاء لم يكن معروفا ولا ثابتا، ولكنهم بالتأكيد لم يكونوا اثني عشر على وجه التحديد. ويزداد الأمر تعقيدا عندما يقول لنا لوقا بأن يسوع أرسل سبعين آخرين للتبشير في المدن والقرى: «وبعد ذلك أقام الرب سبعين آخرين، ثم أرسلهم اثنين اثنين يتقدمونه إلى كل مدينة أو موضع كان مزمعا أن يذهب إليه، وقال لهم: ... اذهبوا. ها أنا ذا أرسلكم كالحملان بين الذئاب، لا تحملوا صرة ولا مزودا ولا نعلين، ولا تسلموا على أحد. وأي بيت دخلتم إليه فقولوا السلام على هذا البيت؛ فإن كان فيه ابن سلام فسلامكم يحل به وإلا عاد إليكم ... وأية مدينة دخلتم ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى ساحاتها وقولوا: حتى الغبار الذي علق بأقدامنا من مدينتكم ننفضه لكم. ولكم اعلموا بأن ملكوت الله قد اقترب» (لوقا، 10: 1-11). وهذه التعليمات التي يعطيها يسوع للسبعين كان قد أعطاها سابقا للاثني عشر، الأمر الذي يدل على أن لوقا اعتبر هؤلاء السبعين رسلا أيضا وأن العدد عنده قد ارتفع إلى 82 رسولا!
أين اختفى الرسل؟
فيما عدا بطرس الذي تمتع في الأناجيل الأربعة وفي أعمال الرسل بشخصية واضحة، فإن بقية التلاميذ يبدون كشخصيات باهتة أشبه بالكومبارس في مسرحية فخمة، والعديد منهم يختفي بعد ورود اسمه في قائمة الرسل ولا نكاد نعثر له على أثر. وقد قمت بتتبع آثار هؤلاء عبر أحداث الإنجيل، ورصدت الدور الذي لعبه كل منهم في هذه الأحداث، وإليكم النتيجة: (1) بطرس: ورد اسمه 25 مرة لدى الإزائيين، وست مرات لدى يوحنا. وهو الوحيد الذي كان يجرؤ على الدخول في حوارات مباشرة مع يسوع (مرقس، 8: 31-33). وقد أثنى عليه يسوع في إحدى المرات ووصفه بأنه الصخرة التي ستقوم عليها الكنيسة (متى، 6: 18-20). (2) أندراوس: فيما عدا رواية دعوة التلاميذ وقائمة الرسل، لا يظهر أندراوس لدى الإزائيين الثلاثة إلا مرتين وبشكل عابر. في المرة الأولى يرد اسمه باعتباره أخا بطرس ويسكن معه في البيت نفسه: «ولما خرجوا من المجمع جاءوا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا، وكانت حماة سمعان مضطجعة محمومة ... إلخ» (مرقس، 1: 29-31. قارن مع متى، 8: 14-15؛ ولوقا، 4: 38-39). وفي المرة الثانية عندما توجه بالسؤال إلى يسوع مع عدد آخر من التلاميذ، وقالوا له: «قل لنا متى يكون هذا (أي خراب الهيكل)؟ وما هي العلامة؟» (مرقس، 13: 3-4. قارن مع متى، 24: 4-14؛ ولوقا، 21: 8-19).
وفي إنجيل يوحنا يظهر أندراوس مرتين أيضا وبشكل عابر؛ الأولى في قصة معجزة إطعام خمسة آلاف شخص من خمسة أرغفة وسمكتين: «فقال له واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس: هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان» (يوحنا، 6: 8). والثانية عندما أتى يهود يونانيون إلى فيليبس وسألوه أن يجمعهم بيسوع، «فأتي فيليبس وقال لأندراوس ثم ذهب أندراوس وفيليبس وأخبرا يسوع» (يوحنا، 12: 20-23). (3) و(4) يعقوب ويوحنا:
في معظم الأحيان يظهر هذان الرسولان في الرواية الإنجيلية معا، وذلك إما باسميهما أو تحت اسم ابني زبدي. وقد أعطى الباحثون الكنسيون ليعقوب بن زبدي لقب «الكبير» لتمييزه عن الرسول التاسع يعقوب بن حلفي الذي دعي أحيانا بيعقوب الصغير (راجع مرقس، 15: 40). وهذه هي المواضع التي ظهر فيها هذان التلميذان لدى الإزائيين، فيما عدا القائمة والدعوة:
في قصة إحياء ابنة يائير رئيس المجمع، عندما دخل يسوع بيت يائير، ولم «يدع أحدا يصحبه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب» (لوقا، 8: 40-56؛ ومرقس، 5: 21-43. قارن مع متى، 9: 18-26).
عندما قال يوحنا ليسوع: «يا معلم، رأينا رجلا يطرد الشياطين باسمك فمنعناه لأنه لا يتبعك معنا، فقال يسوع: لا تمنعوه» (لوقا، 9: 49-50).
صفحة غير معروفة