ألفية ابن مالك منهجها وشروحها
الناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
تصانيف
واحذفه إن لم يك مفعولَ حَسِبْ ... وإن يكن ذاك، فأخّره تُصِبْ
لخلص من ذلك التوهم"i
ونراه في باب المفعول المطلق، يأتي بقول والده:
وَحَذْفُ عامل المؤكِّد امتنعْ ... وفي سواه لدليل مُتَّسَعْ
ثم يعقب عليه بقوله: "يجوز حذف عامل المصدر، إذا دل عليه دليل، كما يجوز حذف عامل المفعول به وغيره، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المصدر مؤكَّدا، أو مبينا، والذي ذكره الشيخ ﵀ في هذا الكتاب، وفي غيره: أن المصدر المؤكد لا يجوز حذف عامله؛ قال في شرح الكافية: لأن "المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله، وتقرير معناه، وحذفه منافٍ لذلك، فلم يجز"ii، فإن أراد أن المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله، وتقرير معناه دائما، فلا شك أن حذفه منافٍ لذلك القصد، ولكنه ممنوع، ولا دليل عليه، وإن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به التقوية والتقرير، وقد يقصد به مجرد التقرير، فمسلم، ولكن لا نسلم أن الحذف منافٍ لذلك القصد؛ لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر، فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة قرينة عليه أحَقُّ وأولى، ولو لم يكن معنا ما يدفع هذا القياس لكان في دفعه بالسماع كفاية، فإنهم يحذفون عامل المؤكد حذفا جائزا، إذا كان خبرًا عن اسم عين في غير تكرار ولا حصر، نحو"أنت سيرًا ومَيرًا"iii، وحذفًا واجبًا في مواضع يأتي ذكرها، نحو "سَقْيًا، ورَعْيًا، وحمدًا وشكرًا لا كفرا"، فمنع مثل هذا إما لسهو عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل منه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل، ولا يقتضيها فحوى الكلام"iv
كما نراه في باب المنادى، يأتي بقول والده:
وغيرُ مندوب، ومضمر، وما ... جا مُسْتغاثًا قد يُعَرّى، فاعلما
وذاك في اسم الجنس والمشار له ... قلَّ، ومن يمنعه، فانصر عاذله
ثم يعقب عليه بقوله: "يجوز حذف حرف النداء، اكتفاء بتضمن معنى الخطاب،
_________
i شرح الألفية لابن الناظم ص ١٠١.
ii شرح الكافية الشافية لابن مالك ج٢ ص ٦٥٧، بتحقيق الدكتور عبد المنعم أحمد هريدي.
iii والتقدير: أنت تسير سيرا، وتمير ميرا ": مصدر "مار أهله يميرهم ميرا"، إذا أعد لهم الميرة، وهي الطعام يجمع للسفر ونحوه، الصحاح والمعجم الوسيط، مادة (م ي ر)، والصبان على الأشموني ج٢ ص ١١٨.
iv شرح ابن الناظم ص ١٠٤.
73 - 74 / 174