بسط الصياد شبكته مرة أخرى لتجف، ودعا ربه ثانية. وعندما جفت، ألقاها مرة ثالثة، وانتظر حتى غاصت. وعندما رفعها هذه المرة، لم يجد بداخلها سوى صخور وزجاجات مكسورة. فأخذ يبكي حظه السيئ.
رفع الصياد عينيه إلى السماء، وقال: «يا إلهي، أنت تعلم أنني ألقي بشبكتي في المياه أربع مرات فقط كل يوم، وقد ألقيتها ثلاث مرات بالفعل، ولم تعد هناك سوى محاولة واحدة. فاجعل البحر يساعدني يا إلهي!»
ألقى الصياد شبكته في الماء للمرة الرابعة، وشاهدها وهي تغوص. وعندما سحبها، لم تتحرك. فأخذ يهزها، واكتشف أنها معلقة في القاع. مرة أخرى، غاص في الماء، وعمل فترة طويلة على هزها حتى حررها وسحبها إلى الشاطئ. كان هناك شيء ثقيل بداخلها. وعندما فتحها، رأى جرة نحاسية بسدادة في طرفها.
سعد الصياد، وقال لنفسه: «سأبيعها في السوق، فهي تساوي بالتأكيد مبلغا كبيرا من المال.» وحاول تحريك الجرة، لكنها كانت ثقيلة للغاية حتى إنه لم يتمكن من زحزحتها. فقرر نزع السدادة، وإخراج محتويات الجرة. وتمكن أخيرا من نزعها باستخدام سكينه، ثم أمال الجرة على الأرض وهزها، لكن لم يخرج منها شيء، فأصابته دهشة بالغة.
لكن بعد برهة تصاعدت سحابة كبيرة من الدخان، وأخذت تزداد حجما حتى أخفت ضوء النهار. واستمر الدخان في التصاعد من الجرة، ثم تجمع وتشكل حتى تجسد أمامه جني قدماه على الأرض ورأسه تناطح السحاب. كانت رأسه تشبه القلعة، وفمه كالكهف ، وأسنانه أنياب مهيبة.
عندما رآه الصياد، ارتعد من الرعب، وتوقف فكه عن الحركة، وجف فمه. •••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة مذهلة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأروي لكما شيئا أكثر تشويقا، هذا إن بقيت حية.»
الليلة السادسة
في الليلة التالية، قالت دينارزاد لأختها: «رجاء يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا واحدة من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الجني والصياد.» فردت شهرزاد: «على الرحب والسعة!» •••
بلغني - أيها الملك السعيد - أن الصياد سأل الجني: «أيها الجني، لماذا توجد في هذه الجرة؟» فأجاب الجني: «ابتهج!» سأله الصياد: «ولماذا أبتهج؟» فأضاف الجني: «ابتهج لأنك على وشك أن تقتل.»
صفحة غير معروفة