والاعتكاف من أنفع العبادات لإِصلاح القلوب، وجمع الهمم، والتخلص من العيوب، ومن جرب عرف.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ (^١).
فإن قال قائل: ما الحكمة في تخصيص النبي ﷺ للعشر الأواخر بكثرة الاعتكاف والاجتهاد في طاعة الله.
فالجواب: أن النبي ﷺ فعل ذلك التماسًا لليلة القدر.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ (^٢) تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ، قَالَ: فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَاسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: «إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ، أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ» (^٣).
فهذه الليلة ليلة عظيمة مباركة، لا يحرم خيرها إلا محروم، وهي في العشر الأواخر تنتقل فيها كما يريد الله.
روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة ﵂: أن رسول الله ﷺ قال: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» (^٤).
وفي السبع الأواخر آكد، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما
(^١) صحيح البخاري برقم (٢٠٢٦)، وصحيح مسلم برقم (١١٧٢). (^٢) في قبة تركية أي: قبة صغيرة من لبود. (^٣) صحيح البخاري برقم (٢٠١٨)، وصحيح مسلم برقم (١١٦٧). (^٤) صحيح البخاري برقم (٢٠١٧).
1 / 104