الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

أمين الشقاوي ت. غير معلوم
79

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

الناشر

(بدون)

تصانيف

فهذا وعد من الله بالإِنفاق على من أنفق في سبيل الله، والله ﵎ لا يخلف وعده. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي ذر ﵁ قال: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَأَىنِي قَالَ: «هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ فَلَمْ أَتَقَارَّ (^١) أَنْ قُمْتُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا إِلَاّ مَنْ قَالَ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ -، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» (^٢). وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك ﵁ قال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ ﷺ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ (^٣). قال ابن القيم ﵀: «وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه ﷺ، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه، وكان

(^١) فلم أتقار: أي لم يمكنني القرار والثبات. (^٢) صحيح البخاري برقم (٦٦٣٨)، وصحيح مسلم برقم (٩٩٠). (^٣) صحيح البخاري برقم (١٤٦١)، وصحيح مسلم برقم (٩٩٨).

1 / 92