الكلمة الخامسة: العجلة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
فمن الصفات المذمومة التي جاء الشرع بالنهي عنها: العجلة.
قال الراغب: «العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، وهو من مقتضى الشهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامة القرآن، حتى قيل: الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» (^١).
قال تعالى لنبيه محمدٍ ﷺ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦]، وقد كان النبي ﷺ خُلُقه القرآن، يتخلق بأخلاقه ويتأدَّب بآدابه، لذلك التزم بهذا التوجيه المبارك، فلم يكن يستعجل؛ بل كان يتأنّى ويصبر، وإلى هذا أرشد أمته؛ فقال ﷺ: «التَّأَنِّي مِنَ اللهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» (^٢).
وقال الله له أيضًا: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَاّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَاّ القَوْمُ الفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: ٣٥] فكان ﷺ وهو القدوة المثلى - أولى الخلق التزامًا بهذا الأمر.
_________
(^١) معجم مفردات ألفاظ القرآن (ص: ٣٣٤).
(^٢) مسند أبي يعلى (٧/ ٢٤٧) برقم (٤٢٥٦) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٤٠٤) برقم (١٧٩٥).
1 / 39