203

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

الناشر

(بدون)

تصانيف

تسامى ولا يُمْكن عربيًا مُقاربتُها ولا معارضتها، وهو في ذلك كله يعلم أن رسول اللَّه ﷺ صادق بار راشد ولكن مع هذا لم يقدر اللَّه له الإيمان، لما له تعالى في ذلك من الحكمة العظيمة والحجة القاطعة البالغة الدامغة التي يجب الإيمان بها والتسليم لها ولولا ما نهانا اللَّه عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه. ا. هـ (^١).
وقد نهى تعالى نبيه والمؤمنين عن الاستغفار لمن مات مشركًا، ولو كان قريبًا أو حبيبًا، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ﴾ [التوبة ١١٣].
كما بين ﷾ أن الاستغفار لهم لا ينفعهم ولا يقبله الله من صاحبه، قال تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٨٠].
ثانيًا: إِن شفاعة النبي ﷺ لعمه اقتصرت بعد نزول الآيات الكريمات على تخفيف العذاب عنه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ﵁: قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: «مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ» قَالَ: «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ (^٢) مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» (^٣).
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ

(^١) البداية والنهاية (٤/ ٣١٤ - ٣١٥) بتصرف.
(^٢) الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب.
(^٣) صحيح البخاري برقم (٣٨٨٣)، وصحيح مسلم برقم (٢٠٩).

2 / 231