العقيدة في الله
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية عشر
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
وتنتج ديدانًا صغيرة تنتقل من الأوعية اللمفاوية إلى الأوعية الدموية، وإذا بقيت هذه الديدان في الأوعية الدموية للإنسان فإنها تعجز أن إتمام دورة حياتها إذ لا بد لها من أن تنتقل إلى جسم بعض أنواع البعوض لكي تتم تلك الدورة، وتصبح قادرة على عدوى الإنسان، فإذا امتصت البعوضة دم إنسان مصاب فإنّها تمتص مع الدّم عددًا من هذه الديدان الصغيرة التي تنمو داخل جسم البعوض حتى يكتمل نموها، وتصبح قادرة على عدوى الإنسان إذا حقنتها البعوضة في دمه في أثناء عملية امتصاصها لدم الإنسان الذي تتغذى عليه.
ولقد حاول العلماء الحصول على هذه الديدان من دم المصابين بهذا المرض ولكن جميع محاولاتهم كانت تبوء بالفشل إلى أن حدث شيء عجيب.
في إحدى الليالي كان أحد العلماء ساهرًا في معمله حتى ساعة متأخرة من الليل، فأخذ عينة من دم إنسان مصاب وفحصها تحت الميكروسكوب، وفوجئ بعدد هائل من هذه الديدان في العينة التي أخذها، وفي أثناء النهار في اليوم التالي أخذ عينة من المصاب نفسه فلم يجد للديدان أثرًا، احتار في تفسير هذه الظاهرة العجيبة، لماذا توجد هذه الديدان في عينة الدم إذا أخذها من المصاب ليلًا، ولا تظهر إذا أخذها نهارًا؟
واتضح أنّ تلك الديدان الصغيرة تهرب إلى الأوعية الدموية الداخلية في أثناء النهار، ثم تعود إلى الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد في أثناء الليل، والحكمة من ذلك هي أنّ البعوض الذي يتغذى على دم الإنسان في هذه الأماكن لا ينشط إلا في أثناء الليل؛ ولذا فإنّ الديدان تنتقل إلى الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد؛ لكي يتمكن البعوض من امتصاصها مع الدم لتتم دورة حياتها داخل جسم البعوضة، ومن الطبيعي أن هذه الديدان لا تدرك شيئًا ولا تعلم شيئًا عن البعوض التي ستتم دورة حياتها داخل جسمه؛ بل تفعل هذا عن غريزة، أي أنّ هناك قوة عليا تملي عليها هذا التصرف لكي تستمر حياتها.
ومن العجيب أنّه في الأماكن التي تنشط أنواع البعوض التي تمتص الدّم
1 / 165