الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها

عبد الله الرحيلي ت. غير معلوم
91

الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها

الناشر

مطبعة سفير

تصانيف

نعم إن إنسانية الإنسان ليست بجسمه، وإنما بنفسه وفكره وخُلُقِهِ، بدليل أنه إذا مات أسرع أهله إلى دفنه، ولو كان إنسانًا بمجرّد جسمه لما أسرعوا إلى دفن الجسم بعد موته!! ١. وإن من أهم أسباب التحلّي بالأخلاق الحميدة والسعي في اكتسابها معرفة الإنسان لهذه الحقيقة أعني معرفته بنفسه وبمعنى إنسانيته كي يُعْنى بها ويَسْعى في المحافظة عليها ولا ينحرف في أخلاقه وسلوكه تبعًا لانحراف فهمه لحقيقته ونفسه وطبيعة العلاقة بين خَلْقه وخُلُقه. يقول أبو القاسم الراغب الأصبهاني: فقد كاد قولُنا: الإنسان يصير لفظًا مُطْلَقًا على معنىً غير موجود، واسمًا لحيوان غير معهود، كعنازيل وعنقاء مغرب، وغير ذلك من الأسماء التي لا معاني لها، كما قال تعالى في صفة الأسماء المسمّاة آلهةً: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ ٢ وقال ﷿: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا﴾ ٣ فجعلها اسمًا بِلاَ مُسَمَّى. ولم أَعْنِ بالإنسان كل حيوان منتصب القامة، عريض الظُّفر، أَمْلَسِ البَشَرةِ، ضاحكِ الوجه، ممن ينطقون ولكن بالهوى، ويتعلمون ولكن ما يضرهم ولا ينفعهم، ويَعْلمون ولكن ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، ويكتبون الكتاب بأيديهم ولكن يقولون هذا من

١ قال الإمام ابن حزم في "الأخلاق والسير: ٣٠ " كلامًا نحو هذا، وعنه استوحيت الفكرة. ٢ ٢٣: النجم: ٥٣. ٣ ٤٠: يوسف: ١٢.

1 / 106