180

فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (199) ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (200) أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (201) واذكروا الله في أيام معدودات

منها والمناسك هنا أفعال الحج لأنها ينسك بها لله ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) ان من عادة الناس وخصوص العرب ان لا يغيب آباؤهم عن ذكرهم بالافتخار بهم والإطراء بمحاسنهم وإحسانهم أو القسم بهم ونحو ذلك. فالمعنى العام في الآية ان لا تغفلوا عن ذكر الله بعد أداء المناسك. واولى ما يحتج عليهم في ذلك هو انهم لا يغفلون عن ذكر آبائهم إذن فكيف يغفلون عن ذكر الله بما هو اهله وهو الإله العظيم وله المجد والجلال وهو خالقهم وكل نعمة عليهم حتى التي من آبائهم هي منه جلت آلاؤه. بل ينبغي ان يكون ذكرهم لله أشد من ذكر الآباء بنحو يناسب جلال الله ونعمائه. وجاء في التفسير في الروايات ببيان بعض المصاديق العادية في ذكرهم لآبائهم. ففي صحيحة الكافي عن منصور بن حازم عن الصادق (ع) كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النحر تفاخروا فقال الرجل منهم كان أبي كذا وكذا فقال الله ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم ). ونحوها ما رواه العياشي عن الباقر (ع) والصادق (ع) وجملة مما رواه في الدر المنثور. هذا وان ذكر الله حق الذكر يساوق ملازمة التقوى ولكن احوال الناس مختلفة يكونون فيها على اصناف ذكر في الآيات بعضها ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ) وقد اعرض عن الآخرة ونسيها ( وما له في الآخرة من خلاق ) أي من نصيب لأنه أعرض عنها ولم يعمل لها ولم يسأل شيئا من خيرها 199 ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا ) نعمة ( حسنة وفي الآخرة ) نعمة ( حسنة وقنا عذاب النار ) وفي الكافي في صحيحة جميل عن الصادق (ع) رضوان الله والجنة في الآخرة والمعاش وحسن الخلق في الدنيا 200 ( أولئك لهم نصيب مما كسبوا ) «من» في «مما» بيانية فإن ما سألوه لا ينال بمحض الدعاء ( والله سريع الحساب ) لعباده من الصنفين المذكورين 201 ( واذكروا الله في أيام معدودات ) وهي ايام التشريق كما في صحيحتي الكافي عن محمد بن مسلم ومنصور بن حازم وصحيحة التهذيب عن حماد بن عيسى عن الصادق (ع)

صفحة ١٨١