الزواجر عن اقتراف الكبائر

ابن حجر الهيتمي ت. 974 هجري
38

الزواجر عن اقتراف الكبائر

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

حَضَرَهُ قَالَ لِبَنِيهِ: إذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي وَاطْحَنُونِي ثُمَّ ذَرُونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ، أَيْ لَئِنْ أَرَادَ تَعْذِيبِي - وَالتَّعْبِيرُ بِالْقُدْرَةِ عَنْ الْإِرَادَةِ سَائِغٌ - لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْأَرْضَ فَقَالَ اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ قَالَ مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ فَغَفَرَ لَهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ " مَخَافَتُك ". وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا قَالَ عُقْبَةُ لِحُذَيْفَةَ: أَلَا تُحَدِّثُنَا بِمَا سَمِعْتَ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ إذَا مِتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا ثُمَّ أَوْقِدُوا نَارًا حَتَّى إذَا أَكَلَتْ لَحْمِي وَخَلَصَتْ إلَى عَظْمِي فَخُذُوهُ وَاطْحَنُوهُ فَذَرُّونِي فِي يَوْمٍ رَائِحٍ فَجَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ خَشِيتُك فَغَفَرَ لَهُ» . قَالَ عُقْبَةُ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَفِيهِ أَيْضًا: «إنَّ رَجُلًا كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: أَيُّ أَبٍ كُنْت لَكُمْ؟ قَالُوا خَيْرُ أَبٍ قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ مَخَافَتُك فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ» .

1 / 41