الزواجر عن اقتراف الكبائر

ابن حجر الهيتمي ت. 974 هجري
11

الزواجر عن اقتراف الكبائر

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ [النساء: ٣١] وَقِيلَ هِيَ سَبْعٌ. وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ: الشِّرْكَ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرَ، وَقَتْلَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلَ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ»، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ» زَادَ الْبُخَارِيُّ: «وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» . وَمُسْلِمٌ بَدَلَهَا: «وَقَوْلُ الزُّورِ» . وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ إنَّمَا ذَكَرَهُ كَذَلِكَ قَصْدًا لِبَيَانِ الْمُحْتَاجِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ لَا لِحَصْرِ الْكَبَائِرِ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْكَبَائِرَ سَبْعٌ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَعَطَاءٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَقِيلَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ أَرْبَعٌ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْهُ أَنَّهَا ثَلَاثٌ، وَعَنْهُ أَنَّهَا عَشَرَةٌ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالطَّبَرَانِيُّ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى السَّبْعِ، وَقَالَ أَكْبَرُ تَلَامِذَتِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ﵄: هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَمْ الْكَبَائِرُ سَبْعٌ هِيَ؟ قَالَ: هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى سَبْعٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ: أَيْ التَّوْبَةِ بِشُرُوطِهَا، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ. قَالَ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَدَدَهَا فِي تَأْلِيفٍ لَنَا بِاجْتِهَادِنَا، فَزَادَتْ عَلَى أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً فَيُؤَوَّلُ إلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَلَائِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: إنَّهُ صَنَّفَ جُزْءًا جَمَعَ فِيهِ مَا نَصَّ ﷺ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَهُوَ: الشِّرْكُ، وَالْقَتْلُ، وَالزِّنَا وَأَفْحَشُهُ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالسِّحْرُ، وَالِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ، وَالنَّمِيمَةُ، وَالسَّرِقَةُ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ، وَاسْتِحْلَالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ، وَتَرْكُ السُّنَّةِ وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَمَنْعُ ابْنِ السَّبِيلِ مِنْ فَضْلِ الْمَاءِ، وَعَدَمُ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالتَّسَبُّبُ إلَى شَتْمِهِمَا، وَالْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ هِيَ مَجْمُوعُ مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ.

1 / 14