الزلاقة معركة من معارك الإسلام الحاسمة في الأندلس
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الثامنة عشرة - العددان التاسع والستون والسبعون - محرم - جمادى الآخرة
تصانيف
وجاءهم الطلائع بخبر أن العدّو مشرف عليهم صبيحة يومهم (الأربعاء١٠ رجب عام ٤٧٩ هـ) ولكن عاد الفونسو إلى أعمال الخديعة، وعاد النّاس إلى محلاتهم وباتوا ليلتهم ١. وهذه مناورة من الفونسو لمعرفة الجيش الإسلامي.
_________
١ انظر: نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٤- ٣٦٥/ الروض المعطار ص٩٠/ الحجي ص٤٠٦.
يقظة قادة الجيش الإِسلامي: أذكى المعتمد بن عبّاد عيونه في محلات المرابطين خوفًا عليهم من مكائد الفونسو وكان قد خبره، وهم غرباء لا علم لهم بالبلاد، وجعل المعتمد يتولّى ذلك بنفسه حتى قيل: "أنّ الرّجل من الصّحراويينّ لا يخرج على طرف المحلّة لقضاء أمر أو حاجة، إلا ويجد ابن عباد بنفسه مطيفًا بالمحلّة"١. واندسّت عيون المسلمين بين جيوش الفونسو، تتعرّف على مخطّطات النّصارى، فتعرّفوا على مخطّطات الفونسو في نيّة الغدر بالمسلمين ومباغتتهم، فقد كتب للمسلمين (يوم الخميس ١١ رجب) يقول: "الجمعة لكم، والسبت لليهود، وهم وزراؤنا، وكتابنا، وأكثر خدم العسكر منهم، فلا غنى بنا عنهم، والأحد لنا، فإذا كان ما نريده من الزحف" ٢، أي حدّد أن تكون المعركة يوم الاثنين ينوي بذلك الغدر ٣، فجاءت العيون إلى يوسف وابن عبّاد وأكّدوا استعداد معسكر النّصارى. وقالوا: "استرقنا السمع فسمعنا الأذفونش يقول لأصحابه: ابن عبّاد مسعر هذه الحروب، وهؤلاء الصّحراوّيون وإن كانوا أهل حفاظ، وذوي بصائر في الحروب، فهم غير عارفين بهذه البلاد، وإنّما قادهم ابن عبّاد، فاقصدوه، واهجموا عليه، واصبروا، فإن انكشف لكم هان عليكم غيره"، فاستحثّ ابن عبّاد يوسف لنصرته، وبات المسلمون ليلتهم على أهبة احتراس وبقوا شاكي السلاح بجميع محلاتهم، خائفين من كيد العدو ٤. _________ ١ بسام العسلي- الأيام الحاسمة في الحروب الصليبية ص ٥٤. ٢ حسن إبراهيم جـ٤ ص١٢١ عن المعجب ص١٣٥/ نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٥/ الروض ص ٩٥. ٣ الكامل في التاريخ جـ٨ ص١٤٢. ٤ نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٥/ الروض ص ٩٢.
البشرى: وبعد مضيّ جزء من اللّيل انتبه الفقيه أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي (وكان في محلّة ابن عباد) فرحًا مسرورًا يقول: "أنّه رأى النبي ﷺ يبّشره بالفتح والشّهادة له في صبيحة غد، وتأهبّ ودعا، ودهن رأسه، وتطّيب، وانتهى ذلك إلى ابن
يقظة قادة الجيش الإِسلامي: أذكى المعتمد بن عبّاد عيونه في محلات المرابطين خوفًا عليهم من مكائد الفونسو وكان قد خبره، وهم غرباء لا علم لهم بالبلاد، وجعل المعتمد يتولّى ذلك بنفسه حتى قيل: "أنّ الرّجل من الصّحراويينّ لا يخرج على طرف المحلّة لقضاء أمر أو حاجة، إلا ويجد ابن عباد بنفسه مطيفًا بالمحلّة"١. واندسّت عيون المسلمين بين جيوش الفونسو، تتعرّف على مخطّطات النّصارى، فتعرّفوا على مخطّطات الفونسو في نيّة الغدر بالمسلمين ومباغتتهم، فقد كتب للمسلمين (يوم الخميس ١١ رجب) يقول: "الجمعة لكم، والسبت لليهود، وهم وزراؤنا، وكتابنا، وأكثر خدم العسكر منهم، فلا غنى بنا عنهم، والأحد لنا، فإذا كان ما نريده من الزحف" ٢، أي حدّد أن تكون المعركة يوم الاثنين ينوي بذلك الغدر ٣، فجاءت العيون إلى يوسف وابن عبّاد وأكّدوا استعداد معسكر النّصارى. وقالوا: "استرقنا السمع فسمعنا الأذفونش يقول لأصحابه: ابن عبّاد مسعر هذه الحروب، وهؤلاء الصّحراوّيون وإن كانوا أهل حفاظ، وذوي بصائر في الحروب، فهم غير عارفين بهذه البلاد، وإنّما قادهم ابن عبّاد، فاقصدوه، واهجموا عليه، واصبروا، فإن انكشف لكم هان عليكم غيره"، فاستحثّ ابن عبّاد يوسف لنصرته، وبات المسلمون ليلتهم على أهبة احتراس وبقوا شاكي السلاح بجميع محلاتهم، خائفين من كيد العدو ٤. _________ ١ بسام العسلي- الأيام الحاسمة في الحروب الصليبية ص ٥٤. ٢ حسن إبراهيم جـ٤ ص١٢١ عن المعجب ص١٣٥/ نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٥/ الروض ص ٩٥. ٣ الكامل في التاريخ جـ٨ ص١٤٢. ٤ نفح الطيب جـ٤ ص٣٦٥/ الروض ص ٩٢.
البشرى: وبعد مضيّ جزء من اللّيل انتبه الفقيه أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي (وكان في محلّة ابن عباد) فرحًا مسرورًا يقول: "أنّه رأى النبي ﷺ يبّشره بالفتح والشّهادة له في صبيحة غد، وتأهبّ ودعا، ودهن رأسه، وتطّيب، وانتهى ذلك إلى ابن
1 / 192