الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية
الناشر
مؤسسة الرسالة العالمية
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
وأما إذا كانت القاعدة مبنية على دليل شرعي من الأدلة التي اختلف في اعتبارها فيجب الرجوع أولًا إلى الأدلة المتفق عليها فإذا وجد الحكم بأحدها يستأنس بالقاعدة ولا يحكم بها، وإلا نظر إلى الدليل الذي بنيت عليه القاعدة فإن أمكن إعطاء المسألة حكمًا بموجبه (عن من يعتبرونه دليلًا) كان بها واعتبرت القاعدة دليلًا تابعًا يستأنس به.
وأما من حيث عدم وجود دليل شرعي لمسألة بعينها أو نص فقهي، أو دليل أصولي، ووجدت القاعدة الفقهية التي تشملها، فحينئذٍ هل تعتبر القاعدة الفقهية الاجتهادية دليلًا شرعيًا يمكن استناد الفتوى والقضاء إليه؟
قلت سابقًا: إن القواعد الاجتهادية استنبطها العلماء المجتهدون من معقول النصوص والقواعد العامة للشريعة، أو بناء على مصلحة رأوها أو عرف اعتبروه، أو استقراء استقرأوه فعلى من تعرَّض لمثل هذه المسائل أن يكون على جانب كبير من الوعي والإدراك والأحاطة بالقواعد الفقهية وما بنيت عليه كل قاعدة أو استنبطت منه، وما يمكن أن يستثنى من كل قاعدة حتى لا يدرج تحت القاعدة مسألة يقطع أو يظن خروجها عنها.
وأما اعتلاهم بأن القواعد الفقهية ثمرة للأحكام الفرعية المختلفة وجامع لها ولذلك لا يصح أن تجعل دليلًا لاستنباط أحكام هذه الفروع، أقول: إن كل قواعد العلوم إنما بنيت على فروع هذه العلوم وكانت ثمرة لها، وأقرب مثال لذلك قواعد الأصول وخاصة عند الحنفية حيث استنبطت من خلال أحكام المسائل الفرعية المنقولة عن الأئمة الأقدمين، ولم يقل أحد إنه لا يجوز لنا أن نستند إلى تلك القواعد لتقرير الأحكام واستنباطها.
وكذلك قواعد اللغة العربية التي استنبطها علماء اللغة من خلال ما نطق به
1 / 42