الواضح في علوم القرآن
الناشر
دار الكلم الطيب / دار العلوم الانسانية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
القول الثالث:
أن أول ما نزل هو الفاتحة، ويستند هذا القول إلى
حديث مرسل رواه البيهقي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل؛ أن رسول الله ﷺ قال لخديجة ولم يذكر في السند اسم الصحابي: «إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء، فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا» فقالت: معاذ الله، ما كان ليفعل بك، فو الله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث. فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له.
وقالت: اذهب مع محمد إلى ورقة. فانطلقا، فقصّا عليه، فقال: «إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي: يا محمد! يا محمد! فأنطلق هاربا في الأفق» فقال:
لا تفعل، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول، ثم ائتني فأخبرني، فلما خلا ناداه:
يا محمد! قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حتى بلغ: وَلَا الضَّالِّينَ «١».
فلا يقوى على معارضة حديث عائشة ﵂ السابق في بدء الوحي، ولم يقل بهذا الرأي إلا قلة من العلماء، منهم الزمخشري صاحب (الكشاف).
القول الرابع:
أن أول ما نزل (بسم الله الرحمن الرحيم). ويستند هذا القول إلى ما
أخرجه الواحدي بسنده عن عكرمة والحسن قالا: أوّل ما نزل من القرآن (بسم الله الرحمن الرحيم) وأول سورة (سورة اقرأ) «٢»
. وهذا الحديث مرسل أيضا، فليست له قوة الحديث الصحيح، ويضاف إلى ذلك أن البسملة تجيء في أول كل سورة إلا ما استثني، ومعنى ذلك أنها نزلت صدرا لسورة اقرأ.
_________
(١) دلائل النبوة للبيهقي (٢/ ١٥٨ - ١٥٩) ونقله الحافظ ابن كثير عن البيهقي في البداية والنهاية (٣/ ٩) وقال: وهو مرسل، وفيه غرابة، وهو كون الفاتحة أول ما نزل.
(٢) أسباب النزول للواحدي (ص ١٠) والإتقان؛ للسيوطي (١/ ٨٠).
1 / 55