الواضح في علوم القرآن
الناشر
دار الكلم الطيب / دار العلوم الانسانية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
بعض آية «١» ...
وكان هذا التنجيم في نزول القرآن سببا في اعتراض اليهود والمشركين وتساؤلهم:
لماذا لم ينزل القرآن كما نزلت التوراة جملة واحدة؟ وقد أنزل الله ﷿ آية كريمة تسجّل هذا الاعتراض وتردّ عليه، وهي قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [الفرقان:
٣٢].
حكم نزول القرآن منجما:
نستطيع أن نتعرّف على حكم نزول القرآن منجّما من الآيتين الكريمتين:
وَقُرْآنًا فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ... [الإسراء: ١٠٦] وكَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [الفرقان: ٣٢] اللتين ورد فيهما الردّ على اعتراض المشركين واليهود بالحجة الدامغة، كما أن هناك أسرارا لهذا التنجيم تدرك بالعقل والاجتهاد، وهذه الحكم والأسرار هي:
١ - تثبيت فؤاد النبيّ ﷺ:
وهذا ما صرّحت به الآية كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وكان النبيّ ﵊ بحاجة لهذا التثبيت وهو يواجه من الناس القسوة والنفور، ويجد من الكثيرين في مكة الغلظة والجفاء والإصرار على الكفر، مع رغبته الصادقة في هدايتهم إلى الحق، فكان الوحي يتنزل على رسول الله ﷺ بين وقت وآخر فيشحذ من همته ويزيد من صبره وتحمله، بل كان ينزل القرآن في أحلك الأوقات وأقسى الحالات شدة، وإذا بالآيات تدعو رسول الله ﷺ إلى متابعة الطريق بكل صبر وثبات، وتقصّ عليه ما لقي الأنبياء من أتباعهم من قسوة وعناد، قال تعالى:
_________
(١) الإتقان في علوم القرآن؛ للسيوطي (١/ ١٣٧) تقديم وتعليق د. مصطفى ديب البغا- طبعة دار ابن كثير ودار العلوم الإنسانية ١٤١٤ هـ.
1 / 48