الواضح في علوم القرآن

مصطفى ديب البغا ت. غير معلوم
102

الواضح في علوم القرآن

الناشر

دار الكلم الطيب / دار العلوم الانسانية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

مكان النشر

دمشق

تصانيف

ولم تمض سنتان على وفاة رسول الله ﷺ حتى كان عمل أبي بكر ﵁، الذي جمع القرآن في صحف مجتمعة بين دفتين، وحفظ بذلك على الأمة كتابها المنزل، من أن يضيع منه شيء بذهاب الحفظة من الرجال والضابطين من القراء. ولم يمض على وفاة رسول الله ﷺ خمسة عشر عاما حتى كان عمل عثمان ﵁، ذاك العمل المبارك الميمون، الذي جمع الأمّة على كتاب الله تعالى، كتابة وأداء، وقطع من بينها دابر الاختلاف والنزاع في قرآنها، وصان كلام الله المحكم من أي خطأ أو زلل. اهتمام الأمة وتشدّدها في كتاب الله ﷿: وكل ذلك يجري والمسلمون يقفون ذلك الموقف المتشدّد من كتاب الله تعالى، خشية أن يزاد فيه شيء أو ينقص، أو يظن منه ما هو دخيل عليه، فلا يقبلون أن يزاد فيما بين دفتي المصحف ما ليس بقرآن حتى ولو كان رموزا وعلامات، يسترشد بها لقراءة كتاب الله ﷿. فهذا ابن مسعود ﵁ الصحابي الجليل يقول: جرّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء «١». وإنما قال ذلك خشية أن يظنّ الناس ما ليس بقرآن قرآنا. ولم يمض على وفاة رسول الله ﷺ خمس وأربعون سنة حتى كان ذلك العمل العظيم، الذي تناول رسم القرآن شكلا ونقطا وتحسينا يساعد على الأداء الصحيح، ويحفظ كتاب الله تعالى من أن يناله تحريف أو تبديل في لفظه أو معناه، حين اضطرت الظروف إلى ذلك، وكثرت العجمة، وفشا اللحن، وأصبح النقط والشكل عندها أمرا لا مناص منه، بل هو شيء مستحبّ ومندوب إليه بعد أن كان مكروها

(١) فضائل القرآن؛ لأبي عبيد (ص ٣٩٢).

1 / 106