العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
116

العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

٢ - ومن أحسن الأمثال وأدلّها على بطلان الشرك، وخسارة صاحبه وحصوله على ضد مقصوده، قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاّ الْعَالِمُونَ﴾ (١). فهذا مثل ضربه الله لمن عبد معه غيره يقصد به التعزز والتقوي والنفع، فبين سبحانه أن هؤلاء ضعفاء، وأن الذين اتخذوهم أولياء من دون الله أضعف منهم، فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء كالعنكبوت التي هي من أضعف الحيوانات، اتخذت بيتًا وهو من أضعف البيوت، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفًا، وكذلك من اتخذ من دون الله أولياء؛ فإنهم ضعفاء، وازدادوا باتخاذهم ضعفًا إلى ضعفهم (٢). ٣ - ومن أبلغ الأمثال التي تُبيّن أن المشرك قد تشتت شمله واحتار في أمره، ما بيّنه تعالى بقوله: ﴿ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٣). فهذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحد، فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون، سيئة أخلاقهم،

(١) سورة العنكبوت، الآيات: ٤١ - ٤٣. (٢) انظر: تفسير البغوي،٣/ ٤٦٨،وأمثال القرآن لابن القيم، ص٢١،وفتح القدير للشوكاني،٤/ ٢٠٤. (٣) سورة الزمر، الآية: ٢٩.

1 / 117