التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية
الناشر
مطابع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٣هـ
تصانيف
الجنة يعلمون، ثم مسح ظهره بيده الأخرى فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعلمون!
فهذه الأحاديث لا تقبل التأويل بل هي نصوص صريحة وقد تلقتها الأمة بالقبول.
وقد علم أن التجوز في مثل هذا لا يستعمل بلفظ التثنية بل لا يستعمل إلا مفردا أو مجموعًا، كقولك: له عندي يد يجزيه الله بها، وله عندي أياد.
وأما إذا جاء بلفظ التثنية لم يعرف استعماله قط إلا في اليد الحقيقة وهذه موارد الاستعمال أكبر شاهد. وليس من المعهود أن يطلق الله على نفسه معنى القدرة والنعمة بلفظ التثنية، بل يلفظ الإفراد الشامل لجميع الحقيقة كقوله إن القوة لله جميعا.
وقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ . وقد يجمع النعم كقوله: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ وأما أن يقول خلقتك بقدرتي أو بنعمتي بالتثنية فهذا لم يقع في كلامه ولا كلام رسوله ﷺ فتظافر الكتاب والسنة على إثبات اليدين لله "﵎" وإثبات أنه باشر خلق آدم بيديه فبعدًا وسحقًا للمنافقين وأفراخ المجوس والصابئين، وتلاميذ اليهود والملحدين من جهميين وجعديين.
النصوص المتفق على معناها بين أهل السنة والأشاعرة
...
قوله:
وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها والظاهر هو المراد في الجميع - فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، وأتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره، وأن ظاهر ذلك مراد: كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته
1 / 158