التيسير في أصول واتجاهات التفسير
الناشر
دار الإيمان
مكان النشر
الإسكندرية
تصانيف
المبحث الرابع نشأة علم التفسير وأصوله
لقد نشأ علم التفسير منذ عصر الرسول ﷺ فقد كان الصحابة ﵃ يسألونه عما يشكل عليهم فهمه من القرآن، مثل:
سؤالهم له عند ما نزل قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِك لَهُمُ الْأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) [الأنعام: ٨٢]، قالوا: وأينا لم يظلم نفسه يا رسول الله؟، فقال لهم مفسرا معنى الظلم، وهو الشرك، أما قرأتم قول الله تعالى: إِنَّ الشِّرْك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: ١٣] (١).
وسؤالهم لما نزل قول الله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء: ١٢٣]، فبين لهم ما الذي يجزون به، قال لأبي بكر لما جاء مشفقا وهو يقول: كيف النجاة بعد هذه الآية؟ فقال له: ألست تمرض؟ أليس يصيبك النصب؟، قال: بلي، قال: فذلك الذي تجزون به (٢).
وفسر لهم معنى البياض والسواد في آية الصيام: وكلُوا واشْرَبُوا حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَكمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: ١٨٧]
وكان الأمر قد التبس عليهم، حتى إن أحدهم كان قد أخذ خيطين حقيقين فوضعهما تحت وسادته يريد أن يجعلهما علامة على الإمساك للصيام فلم ير سودا ولا بياضا، فأخبر النبي ﷺ بذلك فقال له: إنك لعريض الوساد، البياض بياض الصبح والسواد سواد الليل (٣).
_________
(١) تفسير الطبري ٣/ ٤٥٥ وأصله في البخاري برقم ٣٢.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٣٧ وأصله في مسند احمد ١/ ١١ والحاكم ٣/ ٧٤ وصححه الذهبي.
(٣) انظر/ تفسير القرطبي ٢/ ٣٢٠ وأصله في البخاري.
1 / 15