الهديَّة إلى الصَّدِيق كذلك، وإهداءُ (^١) الهَدْيِ إلى الحرم كذلك، وتهادَى القومُ في المشي: إذا (^٢) تمايَلوا، وخرج فلانٌ يُهادَى بين اثنينِ من ذلك، والهادي: العنقُ والعصا والسائقُ (^٣) من ذلك أيضًا.
والهديُ المذكور في القرآن وإن ذُكِرت وجوهُه زائدةً على العشرة فحاصلُه شيئان:
أحدهما: البيان، كما في قوله عز وعلا: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ [فصلت: ١٧].
والثاني: خلقُ فعلِ الاهتداء في العبد، كما في قوله: ﴿يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ١٤٢].
وقد يجيءُ ثالثٌ وهو الإثباتُ على الاهتداء، وهو عين الثاني لأنه يجدِّده فيه.
فعلى (^٤) هذا قولُه: ﴿اهْدِنَا﴾ ليس هو سؤالَ البيانِ فإنه سابقٌ، ولا ابتداءِ الإيجاد فإنه قد أعطاه، لكنه سؤالُ التثبيت وهو تجديدُه فيه ساعةً بعد ساعةٍ.
فأمَّا وجوهُه المذكورةُ في القرآن: فقد ذُكر للبيان، وذُكر لخَلْق فعل الاهتداء، وقد تلَوْنا الآيتين.
وللتثبيت: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.
وللدَّعوة: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: ٧].
وللدِّلالة: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢].
(^١) في (ر): "وأهدى"، والمعنى واحد.
(^٢) في (أ): "أي".
(^٣) في (أ) و(ف): "والسابق".
(^٤) في (أ): "وعلى".