التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع
محقق
محمد زاهد الكوثري
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
مكان النشر
القاهرة
من مَاء مهين يَعْنِي خلق ذُريَّته من النُّطْفَة الَّتِي تنسل من الْإِنْسَان والمهين الضَّعِيف
وَأما قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ ﴿قَالُوا رَبنَا أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ﴾ وَقَوله فِي آيَة أُخْرَى ﴿لَا يذوقون فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الموتة الأولى﴾ فَكَانَ هَذَا عِنْد من يجهل التَّفْسِير ينْقض بعضه بَعْضًا وَلَيْسَ بمنتقض وَلَكِن تفسيرهما فِي وُجُوه الْحَالَات مشتبه
أما قَوْله ﴿أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ﴾ يَعْنِي كُنَّا نطفا ميتَة لَيست فِيهَا أَرْوَاح فخلقتنا من تِلْكَ النُّطْفَة فَجعلت فِينَا أرواحا فَهَذِهِ موتَة وحياة يَعْنِي بالموتة والحياة الْحَيَاة الثَّانِيَة حِين أماتهم فِي الدُّنْيَا عِنْد آجالهم ثمَّ يحييهم يَوْم الْقِيَامَة فَهَذِهِ موتَة وحياة أُخْرَى تَصْدِيق ذَلِك فِي سُورَة الْبَقَرَة حَيْثُ يَقُول للْكفَّار وهم أَحيَاء فِي الدِّينَا ﴿كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم﴾ يَقُول كُنْتُم نطفا ميتَة لَيست فِيهَا أَرْوَاح فخلقكم وَجعل فِيكُم أرواحا ثمَّ يميتكم عِنْد آجالكم فِي الدُّنْيَا ثمَّ يُحْيِيكُمْ فِي الْآخِرَة فهاتان موتتان وحياتان فَهَذَا تفسيرهما
بَاب تَفْسِير اشْتِبَاه التَّقْدِيم فِي الْكَلَام
أما قَوْله ﷿ وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام
1 / 69