456

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

مَسْأَلَة ١٩
لَا يجوز للمستدل أَن ينْقض عِلّة السَّائِل بِأَصْل نَفسه
وَمن أَصْحَابنَا من أجَاز ذَلِك وَهُوَ قَول الْجِرْجَانِيّ من أَصْحَاب أبي حنيفَة
لنا هُوَ أَن الْعلَّة حجَّة على الْمُسْتَدلّ فِي الْموضع الَّذِي ينْقض بِهِ الْعلَّة فَلَا يجوز نقض الْحجَّة بِالدَّعْوَى
وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ نقض الْعلَّة بمذهبه لجَاز أَن ينقضها بِموضع الْخلاف وَلما لم يجز هَذَا لم يجز ذَلِك
وَلِأَن قَوْله إِن هَذِه الْعلَّة تنْتَقض بأصلي مَعْنَاهُ إِنِّي لَا أَقُول بِهَذِهِ الْعلَّة فِي هَذَا الْموضع وَفِي مَوضِع آخر وَهَذَا لَا يسْقط الدَّلِيل كَمَا لَو اسْتدلَّ عَلَيْهِ بِخَبَر فَقَالَ أَنا لَا أَقُول بِهَذَا الْخَبَر فِي هَذَا الْموضع وَلَا فِي مَوضِع آخر
وَاحْتج الْمُخَالف بِأَنَّهُ لَو جَازَ للمسؤول فِي الِابْتِدَاء أَن يَبْنِي على أَصله فَيَقُول إِن سلمت هَذَا الأَصْل ثبتَتْ علته وَإِلَّا دللت عَلَيْهِ جَازَ أَن ينْقض على أَصله فَيَقُول إِن سلمت هَذَا انتقضت بِهِ الْعلَّة وَإِن لم تسلم دللت عَلَيْهِ
قُلْنَا فِي الِابْتِدَاء يجوز ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يلْزم الْكَلَام فِي مَوضِع بِعَيْنِه وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا لِأَنَّهُ قد الْتزم الْكَلَام فِي مَوضِع بِعَيْنِه وَتعين عَلَيْهِ نصرته فَلَا يجوز أَن ينْتَقل عَنهُ إِلَى غَيره يدلك عَلَيْهِ أَن فِي الِابْتِدَاء يجوز لَهُ أَن يسْتَدلّ بِمَا شَاءَ

1 / 472