447

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

أَلا ترى أَن الحكم تثبت صِحَّته بِالْإِجْمَاع ثمَّ لَا يثبت فَسَاده بِعَدَمِهِ فَكَذَلِك يجوز أَن يثبت فَسَاد الْعلَّة لعدم الطَّرْد وَلَا تثبت صِحَّتهَا لوُجُوده
قَالُوا وَلِأَن الطَّرْد والجريان هُوَ الِاسْتِمْرَار على الْأُصُول من غير أَن يردهُ أصل وَهَذَا شَهَادَة من الْأُصُول لَهَا بِالصِّحَّةِ فَوَجَبَ أَن يدل على صِحَّتهَا
قُلْنَا بِهَذَا الْقدر لَا يعلم كَونه عِلّة لِأَنَّهُ قد يجْرِي وَيسْتَمر مَعَ الحكم مَا لَيْسَ بعلة
أَلا ترى أَن الْعلم يكون المتحرك متحركا يجْرِي مَعَ التحرك وَيسْتَمر مَعَه ثمَّ لَا يدل على أَن ذَلِك عِلّة فِي كَونه متحركا
قَالُوا وَلِأَنَّهَا إِذا اطردت فقد عدم مَا يُفْسِدهَا وَإِذا علم مَا يُوجب فَسَادهَا وَجب أَن يحكم بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين الصَّحِيح وَالْفَاسِد قسم آخر
قُلْنَا لَا نسلم أَنه عدم مَا يُفْسِدهَا فَإِن عدم مَا يصححها أحد مَا يُفْسِدهَا ثمَّ نقلب عَلَيْهِم ذَلِك فَنَقُول إِذا لم يدل على صِحَّتهَا فقد عدم مَا يُوجب صِحَّتهَا وَإِذا عدم مَا يُوجب صِحَّتهَا دلّ على فَسَادهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين الصَّحِيح وَبَين الْفَاسِد قسم
وعَلى أَنه لَو كَانَ هَذَا دَلِيلا على صِحَة الْعلَّة لوَجَبَ إِذا ادّعى رجل النُّبُوَّة من غير دَلِيل أَن يحكم بِصِحَّة نبوته فَيُقَال أَنه عدم مَا يفْسد دَعْوَاهُ فَوَجَبَ أَن يحكم بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين الصَّحِيح وَبَين الْفَاسِد قسم آخر وَلما بَطل هَذَا بِالْإِجْمَاع بَطل مَا قَالُوهُ أَيْضا

1 / 463