416

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي ﵇ أَنه قَالَ سَتَفْتَرِقُ أمتِي فرقا أعظمهم فتْنَة قوم يقيسون الْأُمُور بِالرَّأْيِ
وَالْجَوَاب عَنهُ مَا بَيناهُ من الرَّأْي الْمُخَالف لنَصّ الْكتاب وَالسّنة
قَالُوا وَلِأَن إِثْبَات الْقيَاس لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون بِالْعقلِ أَو بِالنَّقْلِ وَلَا يجوز أَن يكون بِالْعقلِ لِأَنَّهُ لَا مجَال لَهُ فِيهِ وَلَا يجوز أَن يكون بِالنَّقْلِ لِأَن النَّقْل لَا يَخْلُو من أَن يكون تواترا أَو آحادا وَلَا يجوز أَن يكون تواترا لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِيهِ تَوَاتر لعلمناه كَمَا علمْتُم وَلَا يجوز أَن يكون آحادا لِأَنَّهُ من مسَائِل الْأُصُول وَلَا يجوز إثْبَاته بِخَبَر الْوَاحِد كإثبات الصِّفَات وَغَيرهَا
قُلْنَا نقلب عَلَيْهِم هَذَا فِي إبِْطَال الْقيَاس فَنَقُول لَا يَخْلُو إِبْطَاله إِمَّا أَن يكون بِالْعقلِ أَو بِالنَّقْلِ وكل جَوَاب لَهُم عَن ذَلِك فَهُوَ جَوَابنَا عَمَّا ألزمونا
ولأنا لَا نسلم أَن ذَلِك لَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد بل يجوز إِثْبَات جَمِيع الْأَحْكَام الْمَقْصُودَة بِالْقِيَاسِ بِخَبَر الْوَاحِد وَخَالف مَا ذَكرُوهُ من الصِّفَات لِأَن هُنَاكَ أَدِلَّة تقطعه فَلم نعمل فِيهَا بِخَبَر الْوَاحِد وَلَيْسَ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا مثل مَا فِي سَائِر الْمسَائِل من الطّرق فَافْتَرقَا
وعَلى أَنا روينَا فِي ذَلِك أَخْبَارًا مُتَلَقَّاة بِالْقبُولِ وَالْأَخْبَار المتلقاة بِالْقبُولِ بِمَنْزِلَة التَّوَاتُر
قَالُوا وَلِأَن الْقيَاس إِنَّمَا يَصح إِذا ثبتَتْ عِلّة الأَصْل وَأَنْتُم تقيسون الْفَرْع على الأَصْل من غير أَن تثبت لكم عِلّة الأَصْل وَهَذَا لَا يجوز
قُلْنَا نَحن لَا نقيس حَتَّى تثبت عِلّة الأَصْل وَيقوم الدَّلِيل على صِحَّتهَا
قَالُوا الْقيَاس عنْدكُمْ حمل الْفَرْع على الأَصْل بِضَرْب من الشّبَه وَمَا من شَيْئَيْنِ يتفقان فِي وَجه من الشّبَه إِلَّا ويفترقان فِي غَيره فَإِن وَجب إِلْحَاق أَحدهمَا بِالْآخرِ لما بَينهمَا من الشّبَه وَجب الْفرق بَينهمَا لما بَينهمَا من الْفرق وَلَيْسَ أحد الْأَمريْنِ بِأولى من الآخر فَوَجَبَ التَّوَقُّف عَن الْقيَاس

1 / 432