393

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

وَلِأَن الْعَاميّ لما جَازَ لَهُ التَّقْلِيد وَجب ذَلِك عَلَيْهِ وَلَو كَانَ هَذَا الْعَالم مثله للزمه التَّقْلِيد
قَالُوا وَلِأَن النَّبِي ﵇ يُفْتِي بِمَا أنزل عَلَيْهِ من الْقُرْآن وَبِمَا يدل عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد وللعالم طَرِيق إِلَى معرفَة ذَلِك من طَرِيق الِاجْتِهَاد ثمَّ يجوز لَهُ ترك الِاجْتِهَاد وَالْعَمَل بِمَا سَمعه من النَّبِي ﷺ كَذَلِك هَاهُنَا مثله
قُلْنَا لَو كَانَ بِمَنْزِلَة مَا سَمعه من النَّبِي ﵇ لوَجَبَ أَن لَا يجوز لَهُ تَركه بِالِاجْتِهَادِ كَمَا لَا يجوز لَهُ ترك قَول النَّبِي ﵇
وَلِأَن قَول النَّبِي ﵇ حجَّة مَقْطُوع بِصِحَّتِهَا لِأَنَّهُ إِن كَانَ عَن وَحي فَهُوَ مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ وَإِن كَانَ عَن اجْتِهَاد فَهُوَ مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ أَيْضا لِأَنَّهُ لَا يخطىء فِي قَول بعض أَصْحَابنَا وَفِي قَول الْبَعْض يجوز أَن يخطىء وَلَكِن لَا يقر عَلَيْهِ فَإِذا أقرّ على قَضِيَّة علمنَا أَنه حق وصواب فَوَجَبَ المصيرإليها وَالْعَمَل بهَا وَلَيْسَ كَذَلِك مَا يقْضِي بِهِ الْعَالم لِأَنَّهُ لَا يقطع بِصِحَّتِهِ فَلم يجز للْعَالم ترك الِاجْتِهَاد لَهُ
قَالُوا إِذا جَازَ تَقْلِيد الْأمة فِيمَا أفتوا بِهِ وَإِن لم يعلمُوا الطَّرِيق الَّذِي أفتوا بِهِ فَكَذَلِك تَقْلِيد آحادها
قُلْنَا إِذا أَجمعُوا على شَيْء كَانَ قَوْلهم حجَّة لِأَن الدَّلِيل قد دلّ على نفي الْخَطَأ عَنْهُم فَصَارَ قَوْلهم فِي ذَلِك كالكتاب وَالسّنة وَلَيْسَ كَذَلِك آحادهم لِأَن الْخَطَأ عَلَيْهِم جَائِز فَلم يجز للْعَالم قبُوله
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ التَّقْلِيد لَا يجوز لجَوَاز الْخَطَأ على من يقلده لوَجَبَ أَن لَا يقبل خبر الْوَاحِد لجَوَاز الْخَطَأ على ناقله
قُلْنَا خبر الْوَاحِد ظهر من غير نَكِير فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَول وَاحِد من الصَّحَابَة إِذا انْتَشَر من غير خلاف وَفِي مَسْأَلَتنَا اخْتلف النَّاس فِي الْمَسْأَلَة وتعارضت فِيهَا الْأَقْوَال

1 / 409