التبصرة في أصول الفقه
محقق
محمد حسن هيتو
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
أصول الفقه
وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإنَّا لَو ألزمنا النَّاس أَن يعرفوا مَا سَمِعُوهُ من الْأَخْبَار من طَرِيق التَّوَاتُر لشق على النَّاس فَصَارَ بمنزلتهم فِي ذَلِك من الْفَتْوَى منزلَة الْعَاميّ لما شقّ عَلَيْهِم الِانْقِطَاع إِلَى الْفِقْه جوز لَهُم التَّقْلِيد فِي الْفَتْوَى وَإِن لم يعلمُوا صِحَة مَا أفتوا بِهِ
قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد وَاجِبا لوَجَبَ التَّوَقُّف عَنهُ وَعَن سَائِر أَدِلَّة الشَّرْع لِأَنَّهُ إِذا أَرَادَ الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد جوز أَن يكون هُنَاكَ مَا هُوَ أولى من أَخْبَار الْآحَاد فَيحْتَاج أَن يتَوَقَّف عَن الْعَمَل بِهِ حَتَّى يُحِيط علمه بِجَمِيعِ مَا روى عَن النَّبِي ﷺ وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ فَوَجَبَ أَن يكون الْعَمَل بِهِ بَاطِلا
قُلْنَا لَو كَانَ تَجْوِيز مَا هُوَ أولى مِنْهُ من الْأَدِلَّة يجوز أَن يمْنَع الْعَمَل بِمَا وَقع إِلَيْهِ مِنْهَا لوَجَبَ أَن لَا يجوز للْحَاكِم أَن يحكم بِشَهَادَة شَاهد وَلَا للعامي أَن يعْمل بفتوى فَقِيه لجَوَاز أَن يكون هُنَاكَ مَا هُوَ أولى مِنْهُ وَلما بَطل هَذَا بَطل مَا ذَكرُوهُ
وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يكون هَذَا طَرِيقا للْمَنْع من الْأَخْبَار لوَجَبَ أَن يَجْعَل طَرِيقا إِلَى الْمَنْع من الْعَمَل بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ مَتى رتب دَلِيلا على دَلِيل بِاجْتِهَادِهِ جوز أَن يكون هُنَاكَ مَا هُوَ أولى مِنْهُ فَيُؤَدِّي إِلَى إِبْطَاله وَلما لم يجز أَن يُقَال هَذَا فِي إبِْطَال الِاجْتِهَاد لم يجز أَن يُقَال فِي إبِْطَال الْأَخْبَار
1 / 311