283

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

لنا هُوَ أَنه لَو كَانَ خبر الْوَاحِد يُوجب الْعلم لأوجب خبر كل وَاحِد وَلَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ أَن يَقع الْعلم بِخَبَر من يَدعِي النُّبُوَّة وَمن يَدعِي مَالا على غَيره وَلما لم يقل هَذَا أحد دلّ على أَنه لَيْسَ فِيهِ مَا يُوجب الْعلم
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ خبر الْوَاحِد يُوجب الْعلم لما اعْتبر فِيهِ صِفَات الْمخبر من الْعَدَالَة وَالْإِسْلَام وَالْبُلُوغ وَغير ذَلِك كَمَا لم يعْتَبر ذَلِك فِي أَخْبَار التَّوَاتُر
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ يُوجب الْعلم لوَجَبَ أَن يَقع التبري بَين الْعلمَاء فِيمَا فِيهِ خبر وَاحِد كَمَا يَقع التبري فِيمَا فِيهِ خبر متواتر
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ يُوجب الْعلم لوَجَبَ إِذا عَارضه خبر متواتر أَن يتعارضا وَلما ثَبت أَنه يقدم عَلَيْهِ الْمُتَوَاتر دلّ على أَنه غير مُوجب للْعلم
وَأَيْضًا هُوَ أَنه يجوز السَّهْو وَالْخَطَأ وَالْكذب على الْوَاحِد فِيمَا نَقله فَلَا يجوز أَن يَقع الْعلم بخبرهم
وَاحْتج أهل الظَّاهِر بِأَنَّهُ لَو لم يُوجب الْعلم لما وَجب الْعَمَل بِهِ إِذْ لَا يجوز الْعَمَل بِمَا لَا يُعلمهُ وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾
وَالْجَوَاب هُوَ أَنه لَا يمْتَنع أَن يجب الْعَمَل بِمَا لَا يُوجب الْعلم كَمَا يَقُولُونَ فِي شَهَادَة الشُّهُود وَخبر الْمُفْتى وترتيب الْأَدِلَّة بَعْضهَا على بعض فَإِنَّهُ يجب الْعَمَل بذلك كُله وَإِن لم يُوجب الْعلم

1 / 299