التبصرة في أصول الفقه
محقق
محمد حسن هيتو
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
أصول الفقه
أظهر الْجزع من ذَلِك فَقَالَ ﴿إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك فَانْظُر مَاذَا ترى﴾
وَلِأَن إِسْمَاعِيل ﵇ أظهر التجلد وَالصَّبْر فَقَالَ ﴿ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين﴾ والمقدمات لَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى الصَّبْر والتجلد
وَلِأَنَّهُ قَالَ ﴿إِن هَذَا لَهو الْبلَاء الْمُبين﴾ وَلَيْسَ فِي الْمُقدمَات بلَاء
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْمَأْمُور بِهِ قد فعل لما احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاء وَقد قَالَ الله تَعَالَى ﴿وفديناه بِذبح عَظِيم﴾ وَأما قَوْله ﴿قد صدقت الرُّؤْيَا﴾ فَالْمُرَاد بِهِ أَنَّك قد آمَنت بذلك وعزمت على فعله فَدلَّ عَلَيْهِ التَّصْدِيق إِنَّمَا يكون بِالْقَلْبِ
فَإِن قيل قد فعل الْمَأْمُور بِهِ وَهُوَ الذّبْح وَلَكِن كلما قطع جُزْءا التحم
قيل وَلَو كَانَ هَذَا صَحِيحا لَكَانَ قد ذكره الله تَعَالَى فَإِن ذَلِك من الْآيَات الْعَظِيمَة
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما احْتَاجَ إِلَى الْفِدَاء وَيدل عَلَيْهِ هُوَ أَنه إِذا جَازَ أَن يَأْمر بِأَفْعَال متكررة فِي الْأَزْمَان لم ينْسَخ ذَلِك فِي بعض الْأَزْمَان وَإِن لم يمض وَقت جَمِيع مَا تنَاوله الْأَمر جَازَ أَن يَأْمر بِفعل وَاحِد ثمَّ ينْسَخ ذَلِك قبل دُخُول وقته
وَلِأَنَّهُ إِن كَانَ التَّكْلِيف على حسب الْمصلحَة كَمَا قَالَ بَعضهم جَازَ أَن تكون الْمصلحَة فِي إِيجَاب الِاعْتِقَاد وَإِظْهَار الطَّاعَة فِي الِالْتِزَام والعزم على الْفِعْل
وَإِن كَانَ على حسب مَا يَشَاء من غير اعْتِبَار الْمصلحَة كَمَا قَالَ آخَرُونَ فَيجوز أَن يكون قد شَاءَ أَن يكلفهم مَا ذَكرْنَاهُ وَلَا يَشَاء الْفِعْل وَلِهَذَا أَمر إِبْرَاهِيم ﵇ بِذبح ابْنه وَلم يرد الْفِعْل وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ مَا ذَكرْنَاهُ
وَلِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يَأْمر الْإِنْسَان بِفعل الْعِبَادَة مَعَ علمه بِأَنَّهُ يَمُوت أَو يعجز عَنهُ
1 / 261