التبصرة في أصول الفقه
محقق
محمد حسن هيتو
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣ هجري
مكان النشر
دمشق
تصانيف
أصول الفقه
وَيدل عَلَيْهِ هُوَ أَن رجلا لَو قَالَ لغيره أبحت لَك طَعَامي أَو حرمت عَلَيْك طَعَامي فهم الْمُخَاطب مِنْهُ تَحْرِيم الِانْتِفَاع بِهِ وَالتَّصَرُّف فِيهِ وَمَا فهم المُرَاد من لَفظه فِي اللُّغَة لم يكن مُجملا كَسَائِر الظَّوَاهِر
وَأَيْضًا هُوَ أَنه لَا خلاف لَو علق حكما على مَا ملكه الْإِنْسَان من الْأَعْيَان كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ لم يكن مُجملا وَإِن كَانَ لَا يملك إِلَّا الْأَفْعَال فِي الْأَعْيَان وَالتَّصَرُّف فِيهَا بالمنافع وَدفع المضار وَلَكِن لما تعورف اسْتِعْمَال هَذِه الْأَلْفَاظ فِي التَّصَرُّف الْمَعْرُوف فِي المَال حمل إِطْلَاقه عَلَيْهِ فَكَذَلِك هَاهُنَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْأَعْيَان لَا تدخل فِي الْمَقْدُور لِأَنَّهَا مَوْجُودَة كائنة وَمَا لَا يدْخل فِي الْمَقْدُور لَا يجوز أَن يَقع التَّعَبُّد بِهِ فَوَجَبَ أَن يكون التَّحْرِيم فِيهَا رَاجعا إِلَى الْأَفْعَال الَّتِي تدخل تَحت الْمَقْدُور وَذَلِكَ غير مَذْكُور فَجرى مجْرى قَوْله ﴿واسأل الْقرْيَة﴾
وَالْجَوَاب هُوَ أَن هَذَا يبطل بِملك الْأَعْيَان فَإِن الْأَعْيَان لَا تدخل فِي ملك الْمَقْدُور على مَا ذَكرُوهُ وَمَا لَا يدْخل فِي الْمَقْدُور لَا يجوز أَن يملكهُ الْإِنْسَان ثمَّ إِذا أطلق لفظ الْملك حمل على مَا يتعارف من التَّصَرُّف وَيُخَالف هَذَا قَوْله ﴿واسأل الْقرْيَة﴾ لِأَن الْقرْيَة لَا يعبر بهَا عَن أَهلهَا فِي الْعرف وَالْعَادَة وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَعْيَان فَإِنَّهَا تسْتَعْمل فِي مَوضِع الْأَفْعَال فِي عرف أهل اللِّسَان فَصَارَ كَسَائِر الْحَقَائِق
قَالُوا وَلِأَن أَنْوَاع التَّصَرُّف فِي الْعين كَثِيرَة وَالْحمل على الْجَمِيع لَا يجوز لِأَنَّهَا دَعْوَى فِيمَا لَا ذكر لَهُ والعموم من صِفَات اللَّفْظ وَالْحمل على الْبَعْض لَا يجوز لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضهَا بِأولى من بعض فَوَجَبَ التَّوَقُّف فِيهِ حَتَّى يرد الْبَيَان
وَالْجَوَاب أَن هَذَا يبطل بِمَا ذَكرْنَاهُ من ملك الْعين فَإِن مَا يملك من الْعين كثير وَالْحمل على الْجَمِيع دَعْوَى فِيمَا لَا ذكر لَهُ ثمَّ كَانَ اللَّفْظ ظَاهرا فِي بَيَانه
1 / 202