154

التبصرة في أصول الفقه

محقق

محمد حسن هيتو

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

دمشق

وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي هَذَا دَلِيل على أَنه لَا يجوز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر لم يجز أَن يَجْعَل دَلِيلا على أَنه يجوز اسْتثِْنَاء الْأَقَل لِأَنَّهُ لَيْسَ من الِاخْتِصَار أَنه يجمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات وَيذكر عددين فَيَقُول عَليّ عشرَة إِلَّا أَرْبَعَة ويمكنه أَن يقْتَصر على الْإِثْبَات فَيَقُول لَهُ عَليّ سِتَّة وَلما أجمعنا على جَوَاز ذَلِك دلّ على بطلَان مَا قَالُوهُ
قَالُوا وَلِأَن عَادَة الْعَرَب فِي الْكَلَام إِذا ضمُّوا مَجْهُولا إِلَى مَعْلُوم أَن يبنوا الْأَمر على التَّقْرِيب فَإِذا كَانَ الْمَجْهُول قَرِيبا من العقد ذكرُوا العقد واستثنوا الْمَجْهُول وَإِن كَانَ بَعيدا مِنْهُ ضموه إِلَى مَا قبله من الْعدَد وَلم يستثنوه فَيَقُولُونَ فِيمَا قرب من العقد كران إِلَّا شَيْئا وَفِيمَا بعد من العقد كرّ حِنْطَة وَشَيْء وَلِهَذَا حمل الشَّافِعِي ﵀ قَول ابْن جريج فِي تَقْدِير الْقلَّة بالقربتين وَشَيْء الشَّيْء على دون النّصْف ثمَّ بلغ بِهِ النّصْف احْتِيَاطًا للْمَاء فَدلَّ على أَنه لَا يَسْتَثْنِي إِلَّا الْأَقَل
قُلْنَا هَذَا هُوَ الدَّلِيل عَلَيْكُم لأَنهم إِذا ضمُّوا مَجْهُولا إِلَى عقد ثمَّ فسر ذَلِك بِمَا يُقَارب العقد الثَّانِي جَازَ وَهُوَ أَن يَقُول لَهُ عَليّ كرّ وَشَيْء ثمَّ يُفَسر الشَّيْء بِأَكْثَرَ من النّصْف
وَإِن كَانَت الْعَادة أَن لَا يضم الْمَجْهُول إِلَى العقد الأول إِلَّا إِذا كَانَ أقل من

1 / 170