137

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

محقق

كمال يوسف الحوت

الناشر

عالم الكتب

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٣ هجري

مكان النشر

لبنان

للحوادث لم يخل مِنْهَا وَإِذا لم يخل كَانَ مُحدثا مثلهَا وَلِهَذَا قَالَ الْخَلِيل ﵊ ﴿لَا أحب الآفلين﴾ بَين بِهِ أَن من حل بِهِ من الْمعَانِي مَا يُغَيِّرهُ من حَال إِلَى حَال كَانَ مُحدثا لَا يَصح أَن يكون إِلَهًا
١٧ - وَأَن تعلم أَن كل مَا دلّ على حُدُوث شَيْء من الْحَد وَالنِّهَايَة وَالْمَكَان والجهة والسكون وَالْحَرَكَة فَهُوَ مُسْتَحِيل عَلَيْهِ ﷾ لِأَن مَا لَا يكون مُحدثا لَا يجوز عَلَيْهِ مَا هُوَ دَلِيل على الْحُدُوث وَعَلِيهِ يدل مَا ذَكرنَاهَا قبل فِي قصَّة الْخَلِيل ﵇
١٨ - وَأَن تعلم أَنه سُبْحَانَهُ لَا يجوز عَلَيْهِ النَّقْص والآفة لِأَن الآفة نوع من الْمَنْع وَالْمَنْع يَقْتَضِي مَانِعا وممنوعا وَلَيْسَ فَوْقه سُبْحَانَهُ مَانع وَقد نبه الله تَعَالَى عَلَيْهِ بقوله ﴿هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ﴾ وَالسَّلَام هُوَ الَّذِي سلم من الْآفَات والنقائص والقدوس هُوَ المنزه عَن النقائص والموانع وَيعلم بذلك أَن لَا طَرِيق للآفات والنقائص والموانع إِلَيْهِ وَقد وصف الله تَعَالَى ذَاته بقوله ﴿ذُو الْعَرْش الْمجِيد﴾ وَالْمجد فِي كَلَام الْعَرَب كَمَال الشّرف وَمن كَانَ لنَوْع من النَّقْص إِلَيْهِ طَرِيق لم يكمل شرفه وَلم يجز وَصفه بقوله مجيد فَلَمَّا اتّصف بِهِ سُبْحَانَهُ علمنَا أَنه لَا طَرِيق للنقص إِلَيْهِ
١٩ - وَأَن تعلم أَنه لَا يجوز عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة والكمية والأينية لِأَن من لَا مثل لَهُ لَا يُمكن أَن يُقَال فِيهِ كَيفَ هُوَ وَمن لَا عدد لَهُ لَا يُقَال فِيهِ كم هُوَ وَمن لَا أول لَهُ لَا يُقَال لَهُ مِم كَانَ وَمن لَا مَكَان لَهُ لَا يُقَال فِيهِ أَيْن كَانَ وَقد ذكرنَا من كتاب الله تَعَالَى مَا يدل على التَّوْحِيد وَنفي التَّشْبِيه وَنفي الْمَكَان والجهة وَنفي الِابْتِدَاء والأولية وَقد جَاءَ فِيهِ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ ﵁ أشفى الْبَيَان حِين قيل لَهُ

1 / 161