السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
الناشر
المكتب الإسلامي
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
تصانيف
مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوْ الفِيلَ» - شَكٌّ مِنَ البُخَارِيِّ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَالمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ» (١) فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: " اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ "، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ» (٢).
كما ثبت أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى مُلُوكِ عَصْرِهِ وَأُمَرَاءِ جَزِيرَةِ العَرَبِ كُتُبًا يَدْعُوهُمْ فِيهَا إِلَى الإِسْلاَمِ (٣) وكان ينفذ مع بعض أمراء سراياه كُتُبًا ويأمرهم أن لا يقرؤها إلا بعد أن يجاوزوا موضعًا معينًا.
كما ثَبَتَ أن بعض الصحابة كانت لهم صُحُفٌ يُدَوِّنُونَ فيها بعض ما سمعوه من رسول الله ﷺ كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بـ " الصادقة "، فقد أخرج أحمد والبيهقي في " المدخل " عن أبي هريرة ﵁، قال: «مَا كَانَ أَحَد أَعْلَم بِحَدِيثِ رَسُول اللَّه ﷺ مِنِّي إِلاَّ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، فَقَدْ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ» وكتابة عبد الله بن عمرو استرعت أنظار بعض الصحابة الذين قالوا: إنك تكتب عن رسول الله كُلَّ مَا يَقُولُ، وَرَسُولُ اللهِ قَدْ يَغْضَبُ فَيَقُولُ مَا لاَ يُتَّخَذُ شَرْعًا عَامًّا، فرجع ابن عمرو إلى رسول الله ﷺ فقال له: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنْهُ إِلاَّ [حَقٌّ]» (٤).
وثبت أنه كان عند علي ﵁ صحيفة فيها أحكام الدية على العاقلة
_________
(١) أي يقاد لهم من القاتل كما في " فتح الباري ": ١٢/ ١٧٥
(٢) أخرجه البخاري، والدارمي، والترمذي، والإمام أحمد.
(٣) انظر " طبقات ابن سعد ": ٢/ ٢٢ - ٥٦
(٤) أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله ": ١/ ٧٦ عن ابن عمرو.
1 / 60